هذا وتمامية دليل البراءة عقلا ونقلا كما مر في جواب الدليل العقلي للاحتياط وهو دفع الضرر المحتمل فلا دلالة لهذه الآية على مطلوبهم ولو تم هذا الدليل يكون معارضا مع أدلة البراءة لا محكوما أو مورودا لها.
هذا كله لو كان المراد من التهلكة العقاب الأخروي واما لو كان المراد منه الضرر الدنيوي من وقوع الناس أو الشخص في المفاسد النظامية أو البدنية فالكلام فيه كالكلام في قاعدة دفع الضرر المحتمل وقد مر أن العقل لو كان حاكما بدفع هذه المهلكة لا يستتبع حكمه هذا حكما شرعيا لعدم تمامية الملازمة بين حكم العقل والشرع والفارق انه لو ثبت في المقام تهلكة يكون الأمر بعدم الوقوع فيها واما في دفع الضرر يكون الحكم هو حكم العقل فقط الّذي لا يلازمه حكم الشرع ولكنه يكون إرشادا إلى الواقع وحيث لا واقع للهلاك لعدم الإحراز يكون مثله في عدم الإنتاج.
ومن الآيات آية النهي عن متابعة غير العلم بقوله تعالى لا تقف ما ليس لك به علم ، ولا شبهة في ان الإنسان إذا احتمل حرمة شيء ثم أقدم على ارتكابه يكون هذا ارتكابا لما لا علم له به فالعمل عليه والفتوى بالبراءة يكون من اتباع غير العلم.
ولا يقال عليه ان القول بالاحتياط أيضا يكون إفتاء بغير العلم فلو كان المراد به هو ان الوظيفة تكون هذا في مقام العمل نقول البراءة أيضا كذلك ففي عدم كونهما علما مشتركان فلا ترجيح للاحتياط لأنا نقول كما قال الشيخ (قده) بأنهم لا يفتون بالاحتياط بل يتوقفون في مقامه وفي مقام العمل وهذا غاية تقريب كلامهم.
ويرد عليه أولا بالشبهة الوجوبية فانهم يقولون بالبراءة فيها مع انه أيضا يكون من القول بغير العلم وثانيا ان القول بالبراءة يكون من القول مع العلم فان الدليل إذا دلّ عليها لا يكون اتباعه اتباع غير العلم فان المراد بالعلم لا يكون هو العلم الوجداني فقط بل يشمل الوظيفة أيضا وأدلة الاحتياط أيضا لو تم يكون بيانا للوظيفة ويتعارض مع أدلة البراءة ولكن لا يتم ولو تم أيضا يكون دليل البراءة واردا عليها لذهاب موضوعها وهو الاحتمال للعقاب بواسطة ورود دليل البراءة.