والمفروض : عدم جواز الرجوع إلى الثالث ، لأنّه طرح للأمارتين ، فالأصل الذي يرجع إليه هو الأصل في المسألة المتفرّعة على مورد التعارض ، كما لو فرضنا تعادل أقوال أهل اللغة في معنى الغناء أو الصعيد أو الجذع من الشاة في الاضحية ، فإنّه يرجع إلى الأصل في المسألة
______________________________________________________
وهو خروج عن التعادل والتعارض.
إن قلت : على فرض التعادل وعدم موافقة الأصل لشيء منها ، نرجع الى الثالث ونحكم طبقه.
قلت : (والمفروض : عدم جواز الرجوع الى الثالث) لأنّ الأمارتين المتعارضتين ، وإن لم يمكن الأخذ بمضمون إحداهما لتعارضهما ، لكنّهما ينفيان الشيء الثالث بالدلالة الالتزامية كما سبق.
وإنّما لا يجوز الرجوع الى الثالث (لأنّه طرح للأمارتين) في مدلولهما الالتزامي ، ومن الواضح : أن المدلول الالتزامي لا تعارض بينهما فيه.
وحينئذ : (فالأصل الذي يرجع إليه) بعد التوقف (هو الأصل في المسألة المتفرّعة على مورد التعارض) لأنّه حيث لا أصل في المسألة الأصولية ، لذا يجب الرجوع إلى الأصل في المسألة الفرعية.
وأما مثال ذلك فهو (كما لو فرضنا تعادل أقوال أهل اللغة في معنى الغناء) بأن قال أحدهم أنه الصوت المطرب ، وقال الآخر : أنه الصوت المرجّع فيه (أو الصعيد) حيث قال أحدهم : هو مطلق وجه الأرض ، وقال الآخر ؛ هو خصوص التراب (أو الجذع من الشاة في الاضحية) بأن قال أحدهم : هو ما له ستة أشهر ، وقال الآخر : هو ما له سبعة أشهر ، وهكذا (فإنّه يرجع إلى الأصل في المسألة