لأنّ الظاهر اعتبارها من حيث الطريقيّة إلى الواقع ، لا السببيّة المحضة وإن لم يكن منوطا بالظن الفعلي.
______________________________________________________
والعلم بضده الآخر ، أو العلم بهذا النقيض والعلم بنقيضه الآخر ، وكذلك الحال في قول أهل اللغة ، كما إذا قال المصباح ـ مثلا ـ : إنّ الغناء هو الصوت المرجّع فيه ، وقال القاموس : إن الغناء هو الصوت المطرب.
وإنّما قلنا بعدم الترجيح وكذلك عدم التخيير في بقية الأمارات المتعارضة غير الأخبار (لأنّ الظاهر اعتبارها) أي : اعتبار سائر الأمارات (من حيث الطريقيّة إلى الواقع ، لا السببيّة المحضة) وقد سبق : أنّ بناء العقلاء في الطريقين المتعارضين إنّما هو على عدم العمل بهما وتساقطهما بالتعارض.
ثم لا يخفى : أن تقييد المصنّف السببيّة هنا ب «المحضة» اشارة الى أن السببية على قسمين : إما محضة بأن يكون المقصود لادراك مصلحة العمل بالأمارة فقط ، وأما منضمة إلى الطريقية بأن يكون المقصود لأدراك مصلحة العمل بالأمارة والواقع معا ، كما أن الطريقية كذلك أيضا ، فإنّها إمّا أن تكون طريقا محضا بأن يكون المقصود : درك مصلحة الواقع فقط من غير مدخليّة للأمارة وإمّا أن يكون منضما الى السببية ، بأن يكون المقصود : درك مصلحة الواقع مع مصلحة العمل بالأمارة.
وعليه : فالظاهر أن اعتبار سائر الأمارات ـ غير الخبر ـ إنّما هو من باب الطريقية حتى (وإن لم يكن) كل منها (منوطا بالظن الفعلي) بل بالظنّ النوعي يعني : أنه لو كان اعتبار هذه الأمارات منوطا بالظن الفعلي كان ذلك ـ على ما سبق ـ أظهر في كونها من باب الطريقية المحضة ، بمعنى كون المقصود منها درك مصلحة الواقع فقط ، غير أن حجيّة تلك الأمارات ، مع أنها لم تكن منوطة بالظن الفعلي بل منوطة