فإنّ احتمال تعيين ما التزمه قائم ، بخلاف التخيير الواقعي ، فتأمّل.
واستصحاب التخيير غير جار ، لأنّ الثابت سابقا ثبوت الاختيار
______________________________________________________
إذ قد عرفت : أن دليل التخيير هنا إما الأخبار وإما العقل ، وأيّ منهما لا يدل على الاستمرار بنظر المصنّف ، إضافة إلى أنه بناء على الطريقية لا يكون الطريق إلّا أحدهما ، فإذا التزم أحدهما (فإنّ احتمال تعيين ما التزمه قائم) كما أن أصل عدم حجيّة الآخر بعد الأخذ بأحدهما مؤيد لهذا الاحتمال ، فيكون التخيير الظاهري تخييرا ابتدائيا فقط.
وهذا (بخلاف التخيير الواقعي) في باب تزاحم المصلحتين كما في إنقاذ الغريقين ، أو في الخبرين المتعارضين بناء على السببية ، حيث يكون لكل منهما ملاك تام ، فلا فرق بين أن يلتزم بأحدهما أوّلا ، ثم يلتزم بالآخر ثانيا ، إذ لا يجري هنا أصل عدم حجيّة الآخر بعد الأخذ بالأوّل ، فإذا غرق زيد وعمرو ـ مثلا ـ فأنقذ زيدا ، ثم غرقا مرة ثانية ـ فرضا ـ كان له أن ينقذ عمروا ، وذلك لوجود الملاك التام في كل منهما ، ومعه يكون التخيير الواقعي تخييرا استمراريا أبدا.
(فتأمل) فإنّه حتى بناء على الطريقية يمكن القول بالاستمرار أيضا ، وذلك لأنّ ملاك حكم العقل بالتخيير هو تعارض الطريقين ، وهذا موجود في كل واقعة أوّلا ، وثانيا ، وثالثا ، وهكذا ، ممّا يدل على استمرار التخيير حتى على الطريقية ، ولعل هذا هو الأقرب.
(و) إن قلت : نستصحب التخيير عند الشك في الواقعة الثانية ، وذلك لأنّ التخيير كان سابقا في الواقعة الاولى متيقّنا ، وعند الشك فيه في الواقعة الثانية نستصحبه.
قلت : (استصحاب التخيير غير جار ، لأن الثابت سابقا ثبوت الاختيار