لأنّ القضاء والحكم عمل له لا لغيره ، فهو المخيّر ، ولما عن بعض : من أنّ تخيّر المتخاصمين لا يرفع معه الخصومة ، ولو حكم على طبق إحدى الأمارتين في واقعة ، فهل له الحكم على طبق الاخرى في واقعة اخرى؟.
______________________________________________________
ولا يحسم المشكلة ، وذلك لما يلي :
أولا : (لأنّ القضاء) بالنسبة الى القاضي بين الناس في الخصومات والمنازعات وما أشبه ذلك (والحكم) بالنسبة الى حاكم البلاد فيما إذا رأى مصلحة الأمة في أن يحكم بجهاد الأعداء أو بعدم الجهاد أو ما أشبه ذلك (عمل له) أي : للحاكم والقاضي (لا لغيره) من المتنازعين ، والأمّة ، وحينئذ (فهو المخيّر) بين أن يأخذ بهذا الخبر أو بذاك الخبر ، دون غيره.
ثانيا : (ولما عن بعض) الفقهاء : (من أنّ تخيّر المتخاصمين لا يرفع معه الخصومة) كما أن تخيّر الأمّة في الجهاد ونحوه لا يحسم المشكلة ، نعم إذا أمكن رفع الخصومة وحسم المشكلة بالتخيير ، جاز للقاضي والحاكم الأمر به ، فلو تنازع الى القاضي ـ مثلا ـ اثنان وكلّ منهما يدّعي أنّه هو المتولّي للوقف المعيّن؟
فإنّ له أن يخيّرهما في أن يتولّاه واحد منهما ، أو يقول لهما بأن يختارا بينهما تولّي شئون الوقف كل واحد منهما ستة أشهر ـ مثلا ـ أو ما أشبه ذلك (و) هكذا في بقية المسائل المشابهة ، فانه لا مجال هنا للتفصيل أكثر من ذلك.
الأمر الثاني : هل التخيير استمراري أو ابتدائي فقط؟ فإنه (لو حكم) المجتهد أو القاضي أو الحاكم (على طبق إحدى الأمارتين في واقعة ، فهل له الحكم على طبق) الأمارة (الأخرى في واقعة اخرى) حتى يكون التخيير استمراريا ، أو يكون التخيير ابتدائيا ، فإذا حكم بحكم يجب عليه أن يحكم بمثل ذلك الحكم في الواقعة الثانية والثالثة وهكذا؟.