والمسألة محتاجة إلى التأمل ، وإن كان وجه المشهور أقوى ، هذا حكم المفتي ، وأمّا الحاكم والقاضي ، فالظاهر ـ كما عن جماعة ـ أنّه يتخيّر أحدهما فيقضي به.
______________________________________________________
في اختياره أحد الخبرين.
هذا (و) لكن (المسألة محتاجة الى التأمل ، وإن كان وجه المشهور) هو : إفتاء المجتهد بتخيير المقلد كالتخيير لنفسه ، يكون (أقوى) وذلك لأنّ المجتهد نائب عن المقلّد ، فأنّ المقلّد لمّا لم يتمكن من الاستنباط استناب عنه المجتهد ، فرأي المجتهد يكون حجّة على المقلّد ولذا كان المجتهد مخيّرا ، فكذلك يكون المقلّد مخيّرا ، اضافة إلى أن الزام المجتهد ، المقلّد بأحد الخبرين لم يدل عليه دليل ؛ ولا يخفى : أنه لا يلزم على المقلّد في مورد التخيير أن يطابق المجتهد في العمل ، فإذا اختار المجتهد في عمله التخييري الجمعة تمكن المقلّد أن يختار الظهر ، كما أنه لا يلزم أن يكون مورد التخيير ممّا عمل به المجتهد ، فإذا كان مورد التخيير ـ مثلا ـ في مسألة من مسائل الحج ولم يستطع المجتهد للحج حتى يختار في تلك المسألة ، فإنّه مع ذلك يجوز لكل مقلّد من مقلّديه أن يعمل بأحد طرفي التخيير.
(هذا حكم المفتي ، وأمّا الحاكم والقاضي) علما بأنهما من قبيل ما إذا افترقا اجتمعا ، وإذا اجتمعا افترقا ، ولعل الفرق بينهما إذا اجتمعا كما فيما نحن فيه هو : أن الحاكم من يحكم البلاد ، كمالك الأشتر في زمان الإمام علي عليهالسلام فلا يطلق عليه القاضي ، بينما القاضي من كان يفصل بين المترافعين كشريح مثلا في زمانه عليهالسلام فلا يطلق عليه الحاكم إلّا بنحو من التوسع.
وكيف كان : (فالظاهر ـ كما عن جماعة ـ) من الفقهاء (أنّه يتخيّر أحدهما) أي : أحد الخبرين (فيقضي به) لا أنه يقول بالتخيير ، لانّ التخيير لا يرفع الخصومة ،