ثمّ إنّ حكم الشارع في تلك الأخبار بالتخيير في تكافؤ الخبرين ، لا يدلّ على كون حجيّة الأخبار من باب السببيّة.
وإلّا وجب التوقف ، لقوّة احتمال أن يكون التخيير حكما ظاهريّا عمليّا في مورد التوقف ، لا حكما واقعيّا ناشئا من تزاحم الواجبين ،
______________________________________________________
فالإرجاء لا يكون إلّا في زمان حضور الإمام عليهالسلام ، كما أنه لا يكون إلّا فيما أمكن تأخير الواقعة ، وذلك بأن كان الأمر في دين أو ميراث أو ما أشبههما ، ممّا يمكن تأخيره حتى يلقى الإمام عليهالسلام ويأخذ منه الجواب ، وأمّا إذا كان في ميّت لا يعرف هل ييمّم أو يغسّل ـ مثلا ـ ممّا لا يمكن تأخيره حيث أن تأخيره يوجب فساده ، فالمرجع على المشهور هو : التخيير ، وعلى غير المشهور هو : الاحتياط أو الرجوع إلى أحدهما مطابقا للأصل ـ مثلا ـ.
(ثمّ إنّ حكم الشارع في تلك الأخبار) العلاجية التي تأمر (بالتخيير في تكافؤ الخبرين ، لا يدلّ على كون حجيّة الأخبار من باب السببيّة) والموضوعية حتى يقال : أنّ من يقول بالتخيير يرى السببية ، ومن يقول بالتوقف يرى الطريقية (وإلّا) أي : وإن لم يكن حجيّتها من باب السببية ، بل الطريقية (وجب التوقف) فإنّ حكم الأخبار بالتخيير هنا إنّما لا يدلّ على ذلك لما يلي :
أوّلا : (لقوّة احتمال أن يكون التخيير) هنا بعد فقد المرجّحات (حكما ظاهريّا عمليّا) أي : من حيث العمل ، وذلك (في مورد التوقف) بالنسبة إلى الحكم الواقعي (لا حكما واقعيّا ناشئا من تزاحم الواجبين) فليس حال الخبرين المتعارضين حال الغريقين ، بل حال الطريقين حيث يقول أحد الخبراء : أنّ طريق كربلاء ذات اليمين ، ويقول الآخر : أنها ذات الشمال ، وحيث كان هذا الانسان الذي يريد السفر الى كربلاء متحيّرا امر بالأخذ بعد فقد المرجّحات بأحد