الرجوع إلى الاصول العمليّة إن لم يرجّح بالأصل المطابق له ، وإن قلنا بأنّه مرجّح خرج عن مورد الكلام ، أعني : التكافؤ ، فلا بدّ من فرض الكلام فيما لم يكن أصل مع أحدهما ، فيتساقطان من حيث جواز العمل بكلّ منهما ، لعدم كونهما طريقين ،
______________________________________________________
هو (الرجوع إلى الأصول العمليّة) فان طابق الأصل العملي أحدهما أخذ به وإن خالفهما أخذ بالتخيير ، فإذا ورد ـ مثلا ـ خبران أحدهما على حرمة العصير العنبي إذا غلى ولم يذهب ثلثاه بسبب النار ، بل ذهب ثلثاه بسبب الهواء ، والآخر على كراهته ، عمل بأصل البراءة الموافق للكراهة ، وأمّا إذا ورد خبران أحدهما على وجوب الجمعة ، والآخر على تحريمها ، فلا أصل عملي بالنسبة إلى أحدهما ، فاللازم الرجوع إلى التخيير.
هذا كله (إن لم يرجّح بالأصل المطابق له) أي : لأحد المتعارضين فيما إذا كان أحدهما مطابقا للأصل ، والآخر مخالفا له (وإن قلنا بأنّه) أي : بأنّ الأصل العملي المطابق لأحدهما (مرجّح) لأحد المتعارضين (خرج عن مورد الكلام أعني : التكافؤ) لأنّه لا تكافؤ حينئذ ، بل يؤخذ بما رجّح بواسطة الأصل العملي ، كما في مثال : العصير الذي ذهب ثلثاه بسبب الهواء.
إذن : (فلا بدّ من فرض الكلام فيما لم يكن أصل مع أحدهما) أو كان أصل مطابق لأحدهما لكن لم نقل بالترجيح به ، فإذا لم نقل بالترجيح بالأصل الموافق ، أو فرضنا أنه لا أصل يوافق أحدهما (فيتساقطان من حيث) مدلولهما المطابقي ، لا من حيث الحجية ، فإنّه قد ثبت بدليل حجيّة الأمارات ومنها الخبر (جواز العمل بكلّ منهما) أي : بكل من المتعارضين في نفسهما لو لا تعارضهما.
وإنّما يتساقطان في مدلولهما المطابقي (لعدم كونهما طريقين) موصلين