كما لو اشتبه خبر صحيح بين خبرين ، بل بمعنى : أنّ شيئا منهما ليس طريقا في مؤدّاه بخصوصه.
ومقتضاه
______________________________________________________
إذن : فليس تعارض الخبرين (كما لو اشتبه خبر صحيح بين خبرين) حيث أن أحدهما طريق لكن لا نعلمه نحن ، فيكون من باب اشتباه الحجة باللاحجة ، وذلك كما إذا كان خبر زيد بن بكر حجّة ، وخبر زيد بن خالد ليس بحجّة ، وجاءنا منهم خبران : أحدهما من هذا والآخر من ذاك ، لكنّا لم نعلم أنّ أيّ الخبرين من زيد بن بكر وأيّهما من زيد بن خالد؟ فهو من اشتباه الحجّة باللاحجّة ، واللازم حينئذ الاحتياط لو تمكّن المكلّف من جمعهما ، وإلّا اختار أحدهما ، بينما في تعارض الطريقين كلاهما يسقطان عن الطريقية ، إذ بناء العقلاء على عدم طريقية شيء من المتعارضين ، وقد قرّر الشارع هذه الطريقة العقلائية وأمضاها.
وعليه : فعدم بقاء مصلحة الايصال في كل من المتعارضين لم يكن بمعنى أن أحدهما المعيّن واقعا طريق ولا نعلمه نحن بعينه (بل بمعنى : أنّ شيئا منهما ليس طريقا في مؤدّاه بخصوصه) فإنّ كل واحد منهما لا يؤخذ بمؤدّاه بالنسبة إلى المعنى المطابقي له ، وأما بالنسبة إلى معناهما الالتزامي وهو : نفي الثالث ، فملاك حجيتهما باق بحاله ، فيكونان دليلا على عدم الثالث ، وذلك كما إذا دلّ أحد الخبرين على وجوب الجمعة ، والآخر على حرمة الجمعة ، فإنّه لا يمكن العمل بهذا ولا بذاك في الوجوب أو في الحرمة ، وإنّما يمكن العمل بهما في نفي الثالث الذي هو الاستحباب ـ مثلا ـ.
إذن : فلو كان معنى انتفاء المصلحة في كل من المتعارضين هو عدم طريقية شيء منهما ، كان اللازم التوقف فيهما (ومقتضاه) أي : مقتضى التوقف فيهما