بل وجود تلك المصلحة في كلّ منهما بخصوصه مقيّد بعدم معارضته بمثله ، ومن هنا يتّجه الحكم حينئذ بالتوقف.
لا بمعنى أنّ أحدهما المعيّن واقعا طريق ولا نعلمه بعينه ،
______________________________________________________
الشمال ، وقال الآخر : أنها بطرف الجنوب ، فإنّه لا مصلحة في الطريقين ، ولا يتمكن المكلّف من العمل بهما ولا بأحدهما.
بل وجود تلك المصلحة) التي هي عبارة عن مصلحة الايصال إلى الواقع (في كلّ منهما بخصوصه مقيّد بعدم معارضته بمثله) فإذا كان الخبر معارضا بخبر مثله ، انتفت تلك المصلحة الموجودة في كل من الخبرين بالتعارض ، ممّا يكشف عن أن حجيّة الخبر ـ بناء على الطريقية ـ مشروط بعد القدرة على الامتثال ، بعدم معارضته الخبر بمثله ، فإذا تعارض بمثله لم يتمكن أن يعمل لا بهذا ولا بذلك ، كما قال (ومن هنا يتّجه الحكم حينئذ) أي : حين يتعارض الخبر بخبر مثله (بالتوقف) في المتعارضين ، وقد تقدّم الفرق بين التوقف والتساقط ، فليراجع.
وعليه : فقد اتضح أنه بناء على الطريقية لا يعقل بقاء مصلحة الايصال إلى الواقع في كل من المتعارضين وعدم بقائها في كل منهما (لا بمعنى أنّ أحدهما المعيّن) عند الله (واقعا طريق ولا نعلمه بعينه) وحيث لا نعلمه بعينه فنأخذ بأحدهما تخييرا ، فإنّه ليس بهذا المعنى ، لأنّه ليس في الطريقين المتعارضين ملاك الطريقية حتى ولو طابق الواقع أحدهما ، وذلك لأنّ العرف لا يرى الطريق المتعارض طريقا ، فقول الخبير بالطرق الذي يقول : بأنّ طريق كربلاء المقدسة من النجف الأشرف باتجاه الشمال ، ليس بطريق ، كما أن قول الخبير الآخر المعارض له الذي يقول : بأن الطريق باتجاه الجنوب ليس بطريق أيضا.