فلا يكونان طريقين إلى الواقع ولو فرض محالا إمكان العمل بهما ، كما يعلم إرادته لكلّ من المتزاحمين في نفسه على تقدير إمكان الجمع.
مثلا : لو فرضنا أنّ الشارع لاحظ كون الخبر غالب الايصال إلى الواقع ، فأمر بالعمل به في جميع الموارد ،
______________________________________________________
(فلا يكونان طريقين الى الواقع) معا ، وانّما أحدهما فقط طريق الى الواقع ، فيكونان من قبيل الطريق من النجف الاشرف الى كربلاء المقدسة ـ مثلا ـ عند اختلاف قول الخبراء فيها ، بأن قال بعضهم أنها باتجاه الشمال ، وقال الآخر : أنها باتجاه الجنوب ، ومن الواضح انّه ليس كلاهما طريقا الى الواقع لتضادهما ، والمتضادّان لا يوصلان الى شيء واحد.
هذا (ولو فرض محالا إمكان العمل بهما) معا ، فانّه لا مقتضي في كليهما بناء على الطريقية ، بخلاف المتزاحمين ، فانّ المقتضي في كل منهما موجود وانّما لا يتمكن المكلّف من امتثالهما ، وذلك (كما يعلم إرادته) أي : ارادة الشارع (لكلّ من المتزاحمين في نفسه على تقدير إمكان الجمع) بينهما ، فإنه لو فرض محالا إمكان امتثالهما معا ، فإنّه بناء على السببية لا يرضى الشارع بأحدهما ، بل يريد امتثال كل منهما بعينه ، فيجب المتزاحمات كلاهما لبقاء الملاك فيهما ، غير أنه يسقط أحدهما لعجز المكلّف ، بينما على الطريقية ينتفي الملاك عنهما ، فلا يجب امتثالهما حتى وإن تمكن المكلّف ـ فرضا محالا ـ من امتثالهما معا.
مثلا : لو فرضنا أنّ الشارع لاحظ كون الخبر) الجامع لشرائط الحجيّة (غالب الايصال الى الواقع) كما هو كذلك عند كافة العقلاء ، حيث أنهم يوصلون أوامرهم إلى التابعين لهم عن طريق الخبر ، وعند ما لاحظ الشارع أن الخبر كذلك (فأمر بالعمل به في جميع الموارد) الموصلة للواقع وغير الموصلة للواقع فإنّه إنّما أمر