فيصير المتعارضان من قبيل السببين المتزاحمين ، فيلغى أحدهما ، مع وجود وصف السببية فيه لإعمال الآخر ، كما في كلّ واجبين متزاحمين.
أمّا لو جعلناه من باب الطريقيّة ، كما هو ظاهر أدلّة حجيّة الأخبار ،
______________________________________________________
وعليه : (فيصير) الخبران (المتعارضان من قبيل السببين المتزاحمين) أي : من قبيل أنقذ زيدا الغريق وأنقذ عمروا الغريق ، حيث أنّ في إنقاذ كل منهما مصلحة تامة ، غير أن المكلّف لا يقدر على انقاذهما معا (فيلغى أحدهما ، مع وجود وصف السببيّة فيه) أي : في الملغى : فإنّه إنّما يلغى مع ذلك (لإعمال الآخر) فإنّ إلغاء أحدهما إنّما هو لأنّ المكلّف عاجز عن امتثال كليهما ، وليس لأنّ الملاك غير موجود في أحدهما ، وذلك (كما في كلّ واجبين متزاحمين) مثل إطعام الجائعين الذين يشرفان على الموت ولم يكن عندنا طعام الّا ما يكفي أحدهما ، ومثل إنقاذ الغريقين الذين يشرفان على الهلاك ولم نستطيع الّا انقاذ أحدهما.
(أمّا لو جعلناه) أي : جعلنا قضية العمل بالخبر (من باب الطريقيّة) وذلك على أن يكون الملحوظ في حجية الخبر مصلحة الواقع ، فالخبر طريق الى الواقع ، والشارع انّما يريد الخبر لانّه موصل الى الواقع ، فلا مصلحة في الخبر بنفسه (كما هو) أي : حجية الخبر من باب الطريقية لا السببية (ظاهر أدلّة حجيّة الأخبار) حيث قال سبحانه : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) (١) فالمعيار : اصابة القوم وعدم اصابتهم ، لا كون المعيار الخبر بما هو خبر ، وكذلك بالنسبة الى الروايات مثل قوله عليهالسلام «لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك
__________________
(١) ـ سورة الحجرات : الآية ٦.