والسرّ في ذلك : إنّا لو حكمنا بسقوط كليهما مع إمكان أحدهما على البدل ، لم يكن وجوب كلّ منهما ثابتا بمجرّد الامكان ، ولزم كون وجوب كلّ منهما مشروطا بعدم انضمامه مع الآخر ، وهذا خلاف ما فرضنا من عدم تقييد كلّ منهما في مقام الامتثال بأزيد من الامكان ،
______________________________________________________
(والسرّ في ذلك) الذي ذكرناه : من حكم العقل بوجوب الأخذ بأحدهما تخييرا هو : (إنّا لو حكمنا بسقوط كليهما) معا ، وذلك (مع إمكان أحدهما على البدل) لأنّ المفروض : أن المكلّف قادر على أن يأخذ بأحدهما ، وإنّما عاجز عن الأخذ بكليهما (لم يكن وجوب كلّ منهما ثابتا بمجرّد الامكان ، و) وجود المقتضي ، بل (لزم كون وجوب كلّ منهما مشروطا بعدم انضمامه مع الآخر ، وهذا خلاف ما فرضنا : من) السببية ووجود الملاك في كليهما المنتج : (عدم تقييد كل منهما في مقام الامتثال) والفعلية (بأزيد من الامكان) والقدرة على الاتيان بأحدهما.
هذا ، وقول المصنّف : «في مقام الامتثال» أراد به مقابل مقام الجعل ، حيث أنه لا تعارض في مقام الجعل ، فإنّ المولى يتمكن أن يقول : أنقذ الغريقين ، وإنّما الامتثال لا يمكن لعجز المكلّف ، حتى أنه لو فرض بعدم عجزه وجب إنقاذ كليهما لتمامية الملاك فيهما ، فإنّ المولى قد يقول : أنقذ الغريق ، ومعنى ذلك مع الامكان ، فإذا كان غريقان وأمكنه إنقاذ أحدهما على البدل وجب ، وقد يقول ، أنقذ الغريق بعينه ، وهذا ليس معناه مع الامكان ، فإذا كان غريقان ولم يمكنه انقاذ غريق بعينه ، بل أمكنه إنقاذ غريق على البدل فلا يجب ، وظاهر : «صدّق العادل» هو الأوّل ، ولذا يجب في المتعارضين العمل بأحدهما على البدل ، لا الثاني حيث يسقط العمل فيه رأسا بسبب التعارض.