لأنّ المفروض : قيام الاجماع على أنّ كلّا منهما واجب العمل ، لو لا المانع الشرعي ، وهو وجوب العمل بالآخر ، إذ لا نعني بالمتعارضين إلّا ما كان كذلك.
وأمّا ما كان وجود أحدهما مانعا عن وجوب العمل بالآخر ، فهو خارج عن موضوع التعارض ، لأنّ الأمارة الممنوعة لا وجوب للعمل بها ، والأمارة المانعة إنّ كانت واجبة العمل تعيّن العمل بها لسلامته عن معارضة
______________________________________________________
الاجماع على حجية الخبر هنا ليس من هذا القبيل ، وذلك لأنّ المجمعين أرادوا حتى صورة تعارض الخبرين أيضا.
وإلى هذا المعنى أشار المصنّف حيث قال (لأنّ المفروض : قيام الاجماع على أنّ كلا منهما) أي : من الخبرين المتعارضين (واجب العمل ، لو لا المانع الشرعي وهو) أي : المانع الشرعي (وجوب العمل بالآخر ، إذ) إن المجمعين قد أجمعوا على حجيّة كل خبر جامع للشرائط حتى المتعارضين ، غير أن المكلّف لا يتمكّن من العمل بهما معا ، لعدم قدرته على الجمع بينهما ، فهو غير قادر على أن يعمل في وقت واحد بوجوب الجمعة وبحرمة الجمعة ـ مثلا ـ ونحن (لا نعني بالمتعارضين إلّا ما كان كذلك) أي : كان كل منهما مشمولا لدليل الحجيّة ، وإنّما لا يمكن العمل بهما معا من حيث عجز المكلّف عن ذلك.
(وأمّا ما كان وجود أحدهما مانعا عن وجوب العمل بالآخر) كالدليل الحاكم والمحكوم حيث لا وجود الملاك في الدليل الممنوع (فهو خارج عن موضوع التعارض) وذلك (لأنّ الأمارة الممنوعة) مثل : البناء على الاكثر عند الشك في الصلاة (لا وجوب للعمل بها ، والأمارة المانعة) مثل : لا شك لكثير الشك (إن كانت واجبة العمل) عليها كما في المثال (تعيّن العمل بها لسلامته عن معارضة