لكن التحقيق : أنّ أصالة عدم البلوغ يوجب الفساد ، لا من حيث الحكم شرعا بصدور العقد من غير بالغ ، بل من حيث الحكم بعدم صدور عقد من بالغ ، فانّ بقاء الآثار السابقة للعوضين مستند إلى عدم السبب الشرعي.
______________________________________________________
لا أصل الصحة ، ولهذا قال المصنّف : بأن في تقديمه نظر.
ثم إنّ المصنّف رجع وقال : (لكن التحقيق) أن ما ذكرناه من قولنا : «ففي تقديمه على الاستصحاب الموضوعي نظر» غير تام ، بل اللازم القول بتقديم أصالة الصحة على أصالة الفساد ممّا يترتب عليه صحة مثل هذا العقد ، ووجه ذلك هو : (أنّ أصالة عدم البلوغ يوجب الفساد) لكن (لا من حيث الحكم شرعا) بوجود الضدّ ، يعني : الحكم (بصدور العقد من غير بالغ) فانه ليس هناك في الشريعة موضوعان : العقد الصادر عن البالغ وهو صحيح ، والعقد الصادر من غير البالغ وهو فاسد ، حتى يكون الصحة والفساد حكمين متضادّين ، بل هما حكمان متناقضان لموضوعين متناقضين ، فموضوع الصحة : صدور العقد من البالغ ، وموضوع الفساد : عدم صدوره منه ، كما قال : (بل من حيث الحكم) شرعا بنقيض : صدور العقد من البالغ وهو : الحكم (بعدم صدور عقد من بالغ) فان البلوغ شرط للمتعاقدين ، فإذا لم يكن أحد المتعاقدين بالغا لم يكن العقد مستجمعا للشرائط فلم يكن عقد من بالغ ، لا انه كان عقد من غير بالغ.
وعليه : (فانّ) الفساد الموجب (بقاء الآثار السابقة للعوضين) وذلك بأن يكون كل واحد من العوضين لمالكه السابق ، هذا الفساد (مستند إلى) نقيض السبب الشرعي يعني : (عدم السبب الشرعي) الذي هو : عدم صدور العقد من بالغ ، وليس مستندا إلى ضد السبب الشرعي الذي هو : صدور العقد من غير البالغ ، وإذا كان كذلك لم يكن الأصلان : الصحة والفساد في رتبة واحدة