العلماء بما هم كثرة (١) ، فبنظره الجعلي ليس لديه إلّا موضوع واحد وحكم واحد ، ولكن التكثر يكون في مرحلة المجعول ، وقد ميّزنا سابقا (٢) بين الجعل والمجعول وعرفنا ان فعلية المجعول تابعة لفعلية موضوعه خارجا فيتكثّر وجوب الاكرام المجعول في المثال تبعا لتكثر افراد العالم في الخارج. والخطاب الشرعي مفاده ومدلوله التصديقي انما هو الجعل (٣) اي الحكم على نحو القضيّة الحقيقية وليس ناظرا الى فعلية المجعول ، وهذا يعني ان الشموليّة وتكثّر الحكم في موارد الاطلاق الشمولي انما يكون في مرتبة غير المرتبة التي هي مفاد الدليل.
ومن هنا صحّ القول بانّ السريان بمعنى تعدّد الحكم وتكثّره الثابت بقرينة الحكمة ليس من شئون مدلول الكلام ، بل هو من شئون عالم التحليل والمجعول.
__________________
(١) انما قال (قدسسره) «فان المولى في مقام الجعل يلاحظ طبيعي العالم ولا يلحظ العلماء بما هم كثرة» للفرق الواضح بين «العالم» في قول المولى «اكرم العالم» و «العلماء» في قوله «اكرم العلماء» ، فان كلامنا هنا عن الفرضية الاولى ، وفرقها عن «العلماء» ان «العالم» منظور إليه في مرحلة الجعل بنحو الكلي الطبيعي وامّا «العلماء» فمنظور اليهم في مرحلة الجعل بنحو التكثر. وعلى هذا فلا يرد اشكال ان هذا نقص في علم الباري تعالى وتوجّهه.
(٢) في الحلقة الاولى بحث «الجعل والفعلية».
(٣) يقصد ان الخطاب الشرعي يكشف عن الجعل.