عن طريق اثبات ان الطلب الغيري والتخييري طلب مقيّد فينفى بتلك القرينة كما تقدّم في الحلقة السابقة ، فان هذا بحث في التطبيق يستدعي النظر العلمي في حقيقة الطلب الغيري والطلب التخييري واثبات انهما من الطلب المقيّد.
الحالة الثانية : ان يكون المعنى متبادرا ومفروغا عن فهمه من اللفظ ، وانما يقع البحث العلمي في تفسير هذه الدلالة ، وهل انها تنشأ من الوضع او من قرينة الحكمة او من منشأ ثالث؟
مثال ذلك : انه لا اشكال في تبادر المطلق من اسم الجنس مع عدم ذكر القيد ، ولكن يبحث في علم الاصول ان هذا [التبادر] هل هو من اجل وضع اللفظ للمطلق ، او من اجل دالّ آخر كقرينة الحكمة؟ وهذا بحث لا يكفي فيه مجرّد الاحساس بالتبادر الساذج بل لا بد من جمع ظواهر عديدة ليستكشف من خلالها ملاك الدلالة.
الحالة الثالثة : ان يكون المعنى متبادرا ، ولكن يواجه ذلك شبهة تعيق الاصولي عن الاخذ بتبادره ما لم يجد حلّا فنيّا لتلك الشبهة.
مثال ذلك : ان الجملة الشرطية تدل بالتبادر العرفي على المفهوم ، ولكن في مقابل ذلك تحسّ أيضا بأن الشرط فيها اذا لم يكن علّة وحيدة ومنحصرة للجزاء لا يكون استعمال أداة الشرط مجازا كاستعمال لفظة
__________________
ـ لصرّح بذلك ليعلم انه مقدّمة ومطلوب لغيره ، ولو كان يريده على نحو الواجب المخيّر ـ كاحدى الخصال الثلاث لمن افطر في شهر رمضان متعمّدا ـ لذكر ذلك ، فعدم ذكره دليل على عدم ارادته ، وبالتالي يكشف عن كون هذا الواجب واجبا لنفسه وبنحو التعيين.