بأن يقال : ان القسم الأول غير قابل للجعل فان التعذير والتنجيز غير قابلين للجعل كما ان الحجية كذلك ، وأما الطريقية والكاشفية فلا مانع من جعلهما فانه بعد جعل المولى الطريقية للامارة تكون الامارة كالعلم في نظر العقل ففي صورة التطابق مع الواقع تكون منجزة للواقع وفي صورة المخالفة تكون معذرة كما ان العلم كذلك فلا تغفل.
وثانيا ما أفاده من الحكومة في القسم الأول وان مفاده التصرف في الموضوع فلا ينكشف الخلاف ، يرد فيه ان الحكومة على نحوين احدهما : الحكومة الواقعية ، ثانيهما الحكومة الظاهرية أما القسم الأول من الحكومة فهو يوجب التوسعة والتضييق واقعا ، فقوله عليهالسلام لا ربا بين الوالد والولد ، يوجب تخصيص الحكم واختصاص الحرمة بغير الذي يقع بين الوالد والولد وقس عليه بقية موارد الحكومة الواقعية فانه لا مجال فيها لكشف الخلاف.
وأما القسم الثاني من الحكومة كالأحكام الظاهرية فلا تكون الحكومة مغيرة للواقع بل الواقع محفوظ ، وقد تعرضنا لوجه الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري ، في محله وقلنا انه لا تنافي بينهما وملخص الكلام ان الحكم الشرعي من الاعتبارات والاعتبار خفيف المئونة ولا تضاد بين الحكم الواقعي والظاهري بل التضاد اما يتحقق في مبدأ الحكمين واما يتحقق في ناحية المنتهى ، مثلا الفعل الواجب محبوب للمولى فلا يعقل أن لا يكون محبوبا لاستحالة اجتماع النقيضين فلا يمكن أن يكون فعل واحد واجبا ومباحا في زمان واحد ، وايضا يشكل في ناحية المنتهى اذ لو كان الفعل واجبا ومباحا أو واجبا وحراما لا يمكن للعبد الجمع بينهما فان مقتضى الوجوب الاتيان ومقتضى الحرمة عدم الاتيان ومقتضى الاباحة عدم الاقتضاء فالمحذور من ناحية المبدأ والمنتهى وأما مع قطع النظر عن المحذورين فلا يكون محذور بين الحكمين والمحذور ان المذكور ان لا مجال لهما فى الاحكام الظاهرية بالنسبة الى