من يسأله ولا يستفهم حتّى أن كانوا يحبّون أن يجيء الطارئ [أي الغريب الذي أتاه عن قريب من غير انس به وبكلامه] والأعرابي ، فيسأل رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى يسمعوا منه ، وكنت أدخل على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، كلّ يوم دخلة ، وكلّ ليلة دخلة ، فيخلّيني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه لم يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، وربّما كان ذلك في منزلي يأتيني رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءه ، فلم يبق غيري وغيره ، وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم تقم من عندنا فاطمة ولا أحد من ابنيّ ، وإذا سألته أجابني ، وإذا سكت أو نفدت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت عليه آية من القرآن إلّا أقرأنيها وأملاها عليّ ، فكتبتها بخطّي ، ودعا الله أن يفهّمني إيّاها ويحفّظني ، فما نسيت آية من كتاب الله منذ حفظتها ، وعلّمني تأويلها فحفظته ، وأملاه عليّ فكتبته ، وما ترك شيئا علّمه الله من حلال وحرام ، أو أمر ونهي ، أو طاعة ومعصية ، كان أو يكون إلى يوم القيامة ، إلّا وقد علّمنيه وحفظته ، ولم أنس منه حرفا واحدا ...» (١) ، إلى آخر.
والمستفاد من الرواية ـ بعد كون سليم بن قيس وكتابه موردا للاعتماد ـ بيان رسول الله صلىاللهعليهوآله جميع المسائل المربوطة بالحلال والحرام إلى يوم القيامة وضبطها في صحيفة على حدة غير القرآن بواسطة أمير المؤمنين عليهالسلام ، والقرآن المكتوب بيده عليهالسلام واجد لجميع الخصوصيّات المربوطة بكلّ آية من البدو إلى الختم من شأن النزول والتأويل والتفسير ، ولكنّه لا يكون زائدا ولا ناقصا عن القرآن الموجود في أيدينا. نعم ، يمكن أن يكون متفاوتا في ترتيب السور.
والمستفاد من الرواية قريب من الاحتمال الثاني المذكور في كلام الشيخ قدسسره إلّا
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس الكوفي : ١٨١.