الإكرام بالفسّاق ـ مثلا ـ أي يشكّ في التخصيص ، فلا يكون قوله : «مستمرّ» رافعا لهذا الشكّ ، بل الرافع له قوله : «أكرم العلماء» وأمّا إذا شكّ في وجوب إكرامه في يوم كذا بعد العلم بأصل وجوب الإكرام ، أي يشكّ في استمرار الحكم فيكون قوله : «حكمي مستمرّ» كاشفا عن استمراره وتحقّقه في اليوم المشكوك فيه.
والسّر في ذلك : أنّ أصل الحكم بالنسبة إلى المحمول ـ أي قوله «مستمرّ» ـ اخذ مفروض الوجود كما في القضايا الحقيقيّة ، وأمّا بالنسبة إلى استمراره فلا يمكن أن يؤخذ كذلك ، لأنّه يلزم أن ترجع قضيّة : «حكمي مستمرّ» إلى قضيّة ضروريّة بشرط المحمول ، أي حكمي المفروض استمراره مستمر ، وهو كما ترى (١).
فلا بدّ من الرجوع إلى العموم في موارد الشكّ ، بلا فرق بين استفادة الاستمرار من طريق اللفظ أو من طريق مقدّمات الحكمة.
ثمّ قال استاذنا السيّد الإمام رحمهالله : نعم ، قد يقال إنّ مقتضى ما ذكرت من أنّ العموم والإطلاق الزمانيّين ـ سواء كانا مستفادين من مثل قوله : «أكرم العلماء في كلّ زمان» أو «أوفوا بالعقود مستمرّا» ، أو من مقدّمات الحكمة ـ متفرّعان على العموم الأفرادي وأنّ محطّ التخصيص الأفرادي غير محطّ التخصيص والتقييد الزمانيّين ؛ هو التفصيل بين ما إذا خرج في أوّل الزمان وشكّ في خروجه مطلقا أو في زمان ـ كما إذا قال المولى في ليلة الجمعة ـ مثلا ـ : «أكرم العلماء كلّ يوم» ثمّ قال في أوّل النهار من يوم الجمعة : «لا تكرم زيدا يوم الجمعة» ـ وبين ما إذا خرج في الأثناء مع العلم بدخوله قبل الخروج ـ كما إذا
__________________
(١) الاستصحاب : ١٩٦.