نعم ، سلّمنا أنّ العلم الوجداني يقتضي ترتّب جميع الآثار حتّى ما كان منها بتوسّط اللوازم العقليّة أو العاديّة ؛ لأنّه من العلم بالملزوم يتولّد العلم باللازم بعد الالتفات إلى الملازمة ، فترتّب آثار اللازم ليس من جهة العلم بالملزوم ، بل من جهة العلم بنفس اللازم المتولّد من العلم بالملزوم ، بخلاف العلم التعبّدي المجعول فإنّه لا يتولّد منه العلم الوجداني باللازم وهو واضح ، ولا العلم التعبّدي به ؛ لأنّ العلم التعبّدي تابع لدليل التعبّد ، وهو مختصّ بالملزوم دون لازمه ؛ لأنّ المخبر إنّما أخبر به عنه لا عن لازمه.
فلا وجه لحجّيّة مثبتات الأمارات إلّا اعتبارها من طريق بناء العقلاء وإمضاء الشارع له.
والمهمّ في الكلام عبارة عن علّة عدم حجّيّة مثبتات الاصول وعرفت ما نقلناه عن صاحب الكفاية رحمهالله من أنّ علّته عدم إطلاق أدلّة حجّيّة الاصول لتحقّق القدر المتيقّن في مقام التخاطب ، وهو الأثر الشرعي المترتّب عليها بلا واسطة ، فلذا لا تشتمل الآثار الشرعيّة المترتّبة على اللوازم العقليّة والعاديّة.
وهكذا ما نقلناه عن المحقّق النائيني رحمهالله من أنّ علّته عدم جعل الكاشفيّة والطريقيّة لها ، بل المجعول فيها تطبيق العمل على طبق مؤدّاها ، ولا محالة يكون مقصوده أنّ مؤدّى الاستصحاب هو الأثر الشرعي المترتّب على المستصحب بلا واسطة.
وقال الشيخ الأنصاري رحمهالله : «إنّ معنى عدم نقض اليقين والمضي عليه هو ترتيب آثار اليقين السابق الثابتة بواسطته للمتيقّن ، ووجوب ترتيب تلك الآثار من جانب الشارع لا يعقل إلّا في الآثار الشرعيّة المجعولة من الشارع لذلك الشيء ؛ لأنّها القابلة للجعل دون غيرها من الآثار العقليّة والعاديّة ،