الغليان ملازم للحرمة ، والملازمة كالسببيّة والمسببيّة من الأحكام التنجيزيّة ، كما يستفاد من كلام الشيخ رحمهالله فهو خارج عن محلّ البحث ، كما أنّ القول بأنّ إثبات حكم العصير العنبي بالاستصحاب للعصير الزبيبي مع أنّهما عنوانان مختلفان ، والمعتبر في الاستصحاب وحدة الموضوع أيضا خارج عن البحث.
والمجعول في القضيّة التعليقيّة ـ مثل : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) و«إذا زالت الشمس فقد وجبت الصلاتان» و«إن جاءك زيد فاكرمه» ـ هو الحكم التعليقي ، وبعد تحقّق المعلّق عليه يصير فعليّا ، فالحكم الشرعي قد يكون فعليّا ، وقد يكون تعليقيّا ـ أي الحكم المعلّق في لسان الشارع ـ وإذا شككنا في بقاء الحكم التعليقي الشرعي لتبدّل حال من حالات الموضوع لا ماهيّته ، هل يكون التعليق مانعا عن الاستصحاب أم لا؟ كما إذا قال المولى لعبده : «إن جاءك زيد فأكرمه» في حال كون زيد صديقا للمولى ، وقبل تحقّق مجيء زيد ذهبت صداقتهما وشكّ العبد في بقاء الحكم في هذا الحال ، فلا مانع من جريان الاستصحاب لتماميّة أركانه من اليقين بالحكم التعليقي ، والشكّ في بقائه ووحدة الموضوع ، فيشمله دليل «لا تنقض اليقين بالشكّ» ولا دليل لاختصاصه بما كان المتيقّن عبارة عن الحكم التنجيزي.
ويمكن أن يقال : إنّ استفادة وجوب الإكرام الفعلي بعد مجيء زيد من استصحاب الحكم التعليقي تكون من مصاديق الاصول المثبتة.
وجوابه أوّلا : أنّ الشكّ في بقاء الحكم التعليقي وجريان الاستصحاب قد يكون قبل تحقّق مجيء زيد ، فالمستفاد هو الحكم التعليقي لا الفعلي.
وثانيا : أنّ المستصحب إن كان الحكم الشرعي يترتّب عليه جميع اللوازم حتّى اللوازم العقليّة كما يترتّب حكم العقل بالإطاعة على استصحاب وجوب