وأمّا على ما قلنا من أنّه على القول بكون متعلّق الأمر والنهي هو الطبيعة يكون متعلّق الأمر والنهي هو صرف الوجود في مقابل الوجودات الخاصة فيلزم التقييد في هذا الباب ، لأنّه في ما إذا اشتغل بالقيام مثلا فبمجرد الاشتغال فلا يلزم الفراغ منه ، حيث إنّه يحصل صرف الوجود يكون إتيان الزائد لغوا ، فلا يلزم بعد إتيان الأقل الإتيان بالأكثر. فعلى هذا لا بدّ من التقييد ونقول في مثل التخيير بين الأقل والأكثر أنّه يكون متعلق الأمر هو الطبيعة مقيّدة بحصوله في ضمن الفرد ، فما دام كان شاغلا بالطبيعة لم تحصل الفردية ، فإذا فرغ من الاشتغال وتركه صار ما فرغ منه فردا للطبيعة.
ونقول لك توضيحا للمطلب بأنّ الإشكال في التخيير بين الأقلّ والأكثر تارة يكون من حيث الغرض وأنّ الغرض بعد حصوله في ضمن الأقل ما معنى تعلّقه بالأكثر؟ وتارة بعد الفراغ من ذلك يقع الكلام في متعلّق الوجوب بالأقل والأكثر.
واعلم أنّ إشكال الغرض لو دفع فإشكال الوجوب وتعلّقه بالأكثر يندفع أيضا فنقول : أمّا الجواب عن إشكال الغرض فبأنّه كما أنّه يعقل في الوجودات الحقيقية كون الحدّ دخيلا في الموضوع يكون كذلك في غير الوجودات الحقيقية ، مثلا لا إشكال في أنّ الوجود المتكمّم بالكم يكون الكم دخيلا فيه ، ففي العدد مثلا لو تعلّق غرضه بالعدد الكذائي مثلا السبع فحدّه أيضا دخيل فيه ؛ لأنّ مورد غرضه هو هذا العدد بلا إضافة ونقصان.
أو ما ترى في أنّ الطبيب لو أمر بعلاج مرض بأكل معجون فخصوصيّة كون أجزائه محدودة بحدّ دخيلة في غرضه ، مثلا لا بدّ أن يكون ترياقه مثقالين وزعفرانه مثقالا واحدا بحيث لو زاد من المقدار المعيّن أو نقص فلا تحصل الفائدة المنظورة والغرض المقصود ، بل ربّما يكون مضرّا هذه الزيادة أو النقيصة كذلك يعقل في الامور الاعتبارية ، بل تصوير ذلك في الاعتباريات لكونها اعتبارية أهون ،