بمقتضى الاطلاقات نستكشف بأنّ الشارع جعل في حال الاضطرار المأمور به الاضطراري نوعا والمأمور به الاختياري نوعا أخر ، فعلى هذا يكون مجزيا.
ولا يخفى أنّ هذا الإطلاق لو كشف عن أدلّة الأوامر الاضطرارية يكون جيدا إلّا أنّ الإنصاف أنّه لا يكون لكل أدلّة الأوامر الاضطرارية هذا الإطلاق حتى نتمسّك به ولا تكون الأوامر الاضطرارية منحصرة بالتيمّم ، بل مواردها كثيرة. فعلى هذا دعوى الإطلاق في كل الأدلّة ممنوع.
ثم بعد ما ظهر لك أنّ ما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية وكذا الوجه الأخير الذي قال به بعض ومنهم الشيخ أعلى الله مقامه من الإطلاق لا يكون تامّا ، فلا بدّ إمّا أن نقول بالإطلاق بنحو آخر أو الرجوع الى الأصل.
والتحقيق أنّه يمكن التمسك بالإطلاق وهو أنّه بعد ما قلنا في الصحيح والأعمّ ان المراتب النازلة أيضا فرد مثلا في الصلاة تكون صلاة الحاضر فردا وصلاة المسافر فردا آخر وتكون صلاة القائم فردا من الصلاة وصلاة القاعد فرد من الصلاة أيضا ، وقلنا بتصوير الجامع الاعتباري بالبيان الذي قلنا في الصحيح والأعمّ مفصّلا ، وقلنا بأنّه يمكن أن تكون أفراد متباينة مع تباينها تحت جامع واحد إذا كان الجامع اعتباريا.
فنقول في المقام بأنّه مقتضى أدلّة الأوامر الاضطرارية يكون هو الفردية وأنّ تكليف المختار فرد وتكليف المضطر فرد آخر وأنّ التكليف الواقعي المختار هو الوضوء مثلا من أوّل الأمر والتكليف الواقعي للمضطر هو التيمّم مثلا من أوّل الأمر ، فالمأمور به للشخص المضطر لا يكون هو الوضوء ثم لاضطراره جعل الشارع له بدلا ، بل يكون تكليف المضطر أوّلا هو التيمّم ولا يتوجّه عليه أصلا التكليف بالوضوء كما يكون الأمر هكذا في المسافر والحاضر فكما أنّ المسافر لا يتوجّه عليه أصلا تكليف الحاضر وبالعكس كذلك في المقام لا يتوجه على المضطر