وتوهّم بعض بأنّه لا بدّ للقائل بالأعمّ من تصوير جامع ما بين الماضي والحال وإلّا فإن لم يكن جامع في البين كيف يمكن القول به؟ فمن قال بأنّ المشتقّ حقيقة في الأعمّ من المتلبّس ومن قضى لا بدّ أن يتصوّر جامعا بين الحال والمضيّ ، وقال بأنّه لا يمكن تصوير الجامع بين المضي والحال ، لأنّ الزمان اخذ في الزمان الماضي مستقلّا والحال كان موردا للاشكال فكيف يعقل تصوير زمان يصدق عليهما ويكون هو الجامع بين زمان الماضي وزمان الحال؟! هو البيان الذي بيّن للبطلان وعدم تعقّل تصوير الجامع.
ولا يخفى ما فيه ، أمّا أوّلا : فبالنقض ، لأنّ حاصل اشكاله ، انّه لا يمكن تصوير زمان جامع بين الماضي والحال ، وهو إن كان هذا غير ممكن ، كيف تقول بالحال؟ لأنّ في الحال ايضا لا بدّ من أخذ الزمان ، هذا إن كان الاشكال من جهة أخذ الزمان.
وأمّا ثانيا : فبالحلّ ، فنقول بعد ما قلنا من أنّ في الأفعال تكون خصوصيّة مأخوذة فيها : مثلا تكون في الماضي هي التحقق وفي المضارع هي الترصّد ، فكذلك يمكن أن يكون من خصوصيّة تصدق على الحال والمضيّ ويكون جامعا فيهما ، وهذا ممّا لا شبهة فيه.
وأنّ قول من قال بأنّ المشتقّ حقيقة في الأعمّ لم يكن باطلا من هذه الجهة ، لبداهة إمكان تصوير الجامع ببيان آخر ، لإمكان تصوير جامع وهو أنّا إذا لاحظنا رأينا بأنّ من كان فعلا متلبّسا بالقيام مثلا ومن كان متلبّسا بالقيام أمس ، ومن لم يكن متلبّسا لا في الحال ولا في المضيّ ولو كان بينها فرق ، الّا انّ تناسب من لم يكن متلبّسا بالقيام في الحال وكان متلبّسا في الأمس ، مع من كان متلبّسا في الحال واضح ، وأمّا من لم يكن متلبّسا لا في الحال ولا في المضيّ مع من كان متلبّسا في الحال لم يكن بينهما مناسبة أصلا ، لأنّ من كان متلبّسا في الماضي حيث إنّه يصحّ نسبة القيام اليه ولو في الماضي.