على جاهل لفظ «قائم» يلتفت بالهيئة والنسبة مع عدم التفاته بالمادة أو بالعكس ، وهذا دليل على صدق مدعانا ، إذ لو كان اللفظ وضع واحد كيف يتصوّر فيه العلم والجهل؟!
فاعلم أنّه بعد ما ثبت أنّ للمشتقات وضعين وضع لمادتها ووضع لهيئتها ، فباعتبار المادة ينقسم بثلاثة أقسام : إمّا يؤخذ لا بشرط ، وإمّا بشرط الشيء ، وإمّا بشرط لا ، فإذا اخذت مادة المشتقّ لا بشرط يكون هو المبدأ والمصدر ، وإذا اخذت بشرط لا يكون هو اسم المصدر ، وإذ اخذت بشرط الشيء يكون هو المشتق.
فظهر لك الفرق بين المصدر واسم المصدر والمشتقات. وتحصّل أنّ بهذا المعنى الذي قلنا يكون المصدر من حيث إنّه لا بشرط مبدأ للمشتقّات ، فمن قال بأن المصدر أصل في الكلام اذا كان مراده كذلك يكون قوله صحيحا ولا يرد عليه إشكال ، ولا يمكن القول بأنّ اسم المصدر مبدأ للمشتقات ، لأنّه اخذت بشرط لا والمشتقات اخذت بشرط الشىء هذا من جهة المادة ووضعها. وأمّا الهيئة فإنّها يكون لها وضعا مستقلّا إلّا أنّها وضعت بالوضع النوعي ولم يكن لكلّ هيئة وضع مستقلّ ، وكون الوضع في المشتق بنحو ما قلنا بالوضعين وضع للمادة ووضع للهيئة ممّا لا يكاد يخفى من تأمّل مختصرا.
ثمّ بعد ما ثبت لك أنّ للمشتقات وضعان باعتبار المادة والهيئة فلا مجال للقول ببساطة مفهوم المشتقات بالمعنى الأوّل أعني يكون المقصود من المفهوم هو ما فهم من اللفظ لا الحقيقة وبحسب تطبيقه في الخارج فلا بد من القول بتركيب المفهوم ، لأنّ المركب على ما عرّفوه عبارة عن لفظ يدلّ جزء لفظه على جزء معناه ، وفيما نحن فيه يكون الأمر كذلك ، لأنّ ما يفهم من الظالم مثلا بلحاظ المادة يدلّ على جزء معناه وبلحاظ الهيئة يدلّ على جزء آخر من معناه ، وهذا معنى التركيب ، غاية الأمر في بعض المركبات يكون لجزئه لفظ مستقلّ في مقابل جزئه الآخر ، وفي بعضه لا يكون