اخرى لتفهيم انتسابات أخر لأنّ المشتقات أقسام مختلفة ففيها انتسابات مختلفة من نسبة الوقوعي أو الصدوري أو غير ذلك فالنسبة وهي التي تستفاد من الهيئة لها أنحاء مختلفة إذا فهمت أنّ الزمان غير مأخوذ في الأفعال يبقى في البين شيء وهو أنّه ما معنى قول النحاة من أنّ الفعل مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ، والحال أنّك قلت بأنّ الزمان غير مأخوذ في الفعل لعدم مأخوذيّته لا في المادة ولا في الهيئة؟
فنقول بعونه تعالى في بيان مرادهم بحيث يرتفع الإشكال : انّه بعد ما قلنا في مطاوي كلماتنا أنّ المشتق مركب من المادة والهيئة وليس الزمان في أحد منها مأخوذا ، ولكن حيث إنّ كلّ زماني يقع في الزمان وله انتساب بالزمان لوقوعه فيه ، فلو وقع أمر زماني في الخارج يصحّ أن يقال بوقوعه في الزمان ، مثلا لو جاء زيد يوم الجمعة إلى المسجد صحيح أن يقال بأنّ هذا المجيء وقع في الزمان الكذائي أعني يوم الجمعة.
وهذا المعنى موجود حتى في الأسماء أيضا لو كان الإسم زمانيا مثلا نفس زيد أيضا لكونه من الزمانيات ووقوعه في الزمان يصحّ انتسابه به كذلك. وهذا يجيء في الأفعال أيضا ، وهذا المقدار ليس قابلا للانكار إلّا أنّ من قال بأنّ الفعل مقترن بالزمان وغرضه من ذلك امتياز الفعل به عن الإسم لم يكن مراده هذا ، لأنّه لو كان هذا لا فرق بين الإسم وبين الفعل ، لأنّ بهذا المعنى كلاهما مقترن بالزمان ، فإذا لم يصحّ توجيه كلامهم بهذا فلا بدّ بأن يقال بمقالة اخرى لإثبات مرادهم وفهم كلامهم.
وهو انّه بعد ما ظهر لك ممّا مر أنّ الهيئة في المشتقات تدلّ على النسبة بين المبدأ والذات في المشتقات ، ومن الواضح أنّ النسب مختلفة ولها أنحاء كثيرة فنقول بأنّ المتكلم لو كان في مقام بيان أحد أنحاء النسبة مثلا كان في مقام بيان أنّ هذه النسبة محقّقة فعلا ، أو صارت متحقّقة ، أو تصير متحقّقة في المستقبل ، أو غير ذلك ، فبما يفهم المخاطب مراده ، وأنّه أي نسبة أراد وبأي نحو يلقى اللفظ حتى يتوجّه المخاطب الى