وإن كان بإجماع ، فالاجماع إنّما انعقد على دوام الصلاة عند العدم دون الوجود ؛ ولو كان الإجماع شاملا حال الوجود كان المخالف له خارقا للإجماع ، كما أنّ المخالف في انقطاع الصلاة عند هبوب الرياح وطلوع الفجر خارق للإجماع ، لأنّ الإجماع لم ينعقد مشروطا بعدم الهبوب وانعقد مشروطا بعدم الخروج وعدم الماء. فإذا وجد فلا إجماع. فيجب أن يقاس حال الوجود على حال العدم المجمع عليه بعلّة جامعة ؛ فأمّا أن يستصحب الإجماع عند انتفاء الإجماع ، فهو محال. وهذا كما أنّ العقل دلّ على البراءة الأصلية بشرط عدم دليل السمع ، فلا يبقى له دلالة مع وجود دليل السمع ، فكذا هنا انعقد الاجماع بشرط العدم ، فانتفى الإجماع عند الوجود.
وهذه الدقيقة ، وهي أنّ كلّ دليل يضاده نفس الخلاف فلا يمكن استصحابه مع الخلاف ؛ والإجماع يضادّه نفس الخلاف ، إذ لا إجماع مع الخلاف ، بخلاف العموم والنص ودليل العقل ، فإنّ الخلاف لا يضاده ، فإنّ المخالف مقرّ بأنّ العموم يتناول بصيغته محل الخلاف ، فإنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا صيام لمن لم يبيّت» (١) ، شامل بصيغته صوم رمضان مع خلاف الخصم فيه فيقول : أسلّم شمول الصيغة لكنّي أخصّه بدليل ، فعليه الدليل ؛ وهنا المخالف لا يسلّم شمول الإجماع محل الخلاف ، لاستحالة الإجماع مع الخلاف ولا يستحيل شمول الصيغة مع الدّليل. فهذه دقيقة يجب التنبيه لها.
__________________
(١) عوالي اللآلي : ٣ / ١٣٢ ح ٥ ؛ بحار الأنوار : ٨٠ / ٩٠.