المجعول [ب ـ ٣٢] الكوني والمعلول الزماني ، ومرجعه إلى تحديد زمان الكون وتخصيص وقت الافاضة بحسب اقتضاء الشرائط والمعدّات ، واختلاف القوابل والاستعدادات. لا أنّه ارتفاع المعلول الكائن. عن وقت كونه وبطلانه فى حدّ حصوله ؛ هذا على مذاق الحقّ ومشرب التحقيق.
والصدوق ابو جعفر بن بابويه ـ رحمهالله تعالى ورضى عنه ـ مسلكه في كتاب «التوحيد (١)» جعل النسخ من البداء ، وهذا الاصطلاح ليس بمرضيّ عندي.
وأمّا علماء الجمهور فمحقّقوهم يصطلحون على تفسير البداء بالقضاء ، فها ابن الاثير في «النهاية» أورد بعض أحاديث البداء وفيه «بدا لله عزوجل أن يبتليهم» ثمّ شرحه ، فقال يعلم وذلك : «أى قضى بذلك وهو معنى البداء هاهنا لأنّ القضاء سابق ، والبداء استصواب شيء علم بعد ان لم يعلم ، وذلك على الله غير جائز. ومنه الحديث : السلطان ذو عدوان وذو بدوان ، أى لا يزال يبدو له رأي جديد (٢)» وكذلك في شروح الصحيحين.
ونحن نقول هذا ركيك جدا [الف ـ ٣٣] ؛ لأنّ القضاء السابق متعلّق بكلّ شيء وليس البداء في كلّ شيء ، بل فيما يبدو ثانيا ويتجدّد أخيرا. ولا يكون لأحد بداء في لغة العرب حقيقة ، الّا اذا ما كان بدوّه له على خلاف ما قد كان يحتسبه ، كما قال عزّ من قائل في تنزيله الكريم : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) (٣).
شكّ وتحقيق
عسيتم أن تنزعج أفئدتكم بما يتشكّك المتشكّكون ، أنّ استناد المتغيّر بما هو متغيّر الى الثابت الحقّ من كلّ وجه ، والتدريجيّ بما هو تدريجيّ الى القارّ المحض من
__________________
(١) «التوحيد» للصدوق ، ص ٣٣٥.
(٢) «النهاية» لابن اثير ، ج ١ / ١٠٩.
(٣) الزمر ، ٤٧.