والدين ، الطوسي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في نقده (١) مجيبا عن ذلك : «إنّهم لا يقولون بالبداء ، وإنّما القول به (٢) ما كان إلّا في رواية رووها عن جعفر الصادق ـ عليهالسلام ـ أنه [جعل اسماعيل ، القائم مقامه بعده ، فظهر من اسماعيل ما لم يرتضه منه ، فجعل القائم الف مقامه موسى ـ عليهالسلام ـ فسئل عن ذلك ، فقال : «بدا لله في أمر اسماعيل.» وهذه ـ ٤] رواية ، وعندهم أنّ الخبر الواحد لا يوجب علما ولا عملا.
وأمّا التقيّة ، فإنّهم لا يجوّزونها إلّا لمن يخاف على نفسه أو على أصحابه ، فيظهر ما لا يرجع بفساد في أمر عظيم دينيّ ، أمّا اذا كان بغير هذا الشرط فلا يجوّزونها. (٣)» هذا كلامه.
ونحن نقول : أمّا ما حكاه إمام المشكّكين في البداء فممّا ينادى بأعلى الصوت وأجهر النداء أنّ المتعرّض به على دين الرافضة قسطه من تتبّع الأحاديث وتعرّف الأديان طفيف (٤) جدا. أليس ذكر البداء والقول به غير مختصّ بالأخبار المرويّة عن أئمّة الرافضة ـ الذين هم آل قدس العصمة ، وأهل بيت التطهير ، صلوات الله وتسليماته على أرواحهم وأجسادهم ـ؟ بل إنّه متكرّر الورود في أحاديث رسول الله ـ صلّى الله وسلّم عليه وآله الطاهرين ـ من طرق الجمهور ومسانيدهم على ما روته أئمّتهم المحدّثون كالبخاريّ ومسلم ومالك والنسائي والترمذي وأبي داود وابن ماجة والدار قطني وغيرهم من صناتيت (٥) أصحاب الحديث وصناديدهم ، كلّ في صحيحه أو جامعه أو [ب ـ ٤] موطّأه سننه أو مسنده أو مستدركه أو مصابيحه (٦) أو مشكاته (٧) مثلا ، وقد حاول رهط من حذّاق علمائهم المراجيح في شرح غريب الحديث كابن الاثير الجزريّ الموصليّ وعلّامة زمخشر صاحب «الكشاف» والهرويّ صاحب «الغريبين» وأبى موسى الأصفهاني ،
__________________
(١) اى «نقد المحصّل» او «تلخيص المحصّل».
(٢) في المصدر : بالبداء.
(٣) «تلخيص المحصّل» ، ص ٤٢٢ ، ط تهران.
(٤) الطفيف : غير التام ، القليل ، الحقير.
(٥) الصناتيت والصناديد : جمع الصنتيت والصنديد ، السيّد الشريف وقيل : السيّد الشجاع.
(٦) أى : «مصابيح السنة» للفراء البغوي.
(٧) أى : «مشكاة المصابيح» للتبريزى.