في العلم والإلهيّين من حكماء الحكمة اليمانية (١) وفلاسفة الفلسفة اليونانيّة على أنواع أربعة : ابداع واختراع وصنع وتكوين.
الابداع والاختراع متعلّقان بالحوادث الدهريّة التي لها الحدوث الذاتي والحدوث الدهري [الف ـ ٤٢].
والصنع والتكوين يتعلّقان (٢) بالحوادث الزمانيّة الّتي لها انحاء الحدوث الثلاثة جميعا.
فالابداع : جعل جوهر الماهية وتأسيس أيس الذات من كتم الليس المطلق الذاتي وإخراجه من جوّ العدم الصريح الدهريّ من غير سبق مادّة ومدّة أصلا ، لا سبقا بالزمان ، ولا سبقا بالدهر ، ولا سبقا بالذات ، ولا يكون ذلك الّا في القدسيّات الّتي هي مفارقات المادّة وعلائقها على الجملة رأسا ؛ وأحقّ المبدعات بالمبدعيّة الصادر الأوّل ، وهو الجوهر العقلي المحض (٣) الّذي ليس هو مسبوق الذات (٤) ولا متعلّق الوجود بشيء وراء بحت الذات القيّوم الحقّ الجاعل على الاطلاق.
والأبرقلسيون والارسطاطاليسيّون من المشّائين الذاهبون الى قدم المبدعات لا يتصحّح عندهم السبق الدهرى للعدم الصريح مع الابداع ؛ وانّما عندهم سبق الليس المطلق على أيس المبدعات في الدهر ، السبق بالذات لا غير. وليس الابداع على ما يزعمون الّا تأييس الأيس من الليس المطلق بحسب الحدوث الذاتى فقط.
__________________
(١) «الحكمة اليمانية» : هى الحكمة المحمديّة المنسوبة الى اليمن ، وسر ذلك الانتساب هو كون نفس الرحمن المسمّى بالحقيقة المحمديّة والنور المحمدى يمانيا ، فلا تغفل! (نورى)
(٢) خ : متعلّقان.
(٣) «والجوهر العقلي المحض» المسمّى بعالم الجبروت الكلّي الإلهي ، وهو الدهر الأيمن مسبوق الوجود عندنا وعند إخواننا الراسخين بكلمة «كن» ، المسمّى بالابداع المسبوق بصرف الذات الأقدس تعالى ، فللذات الأقدس تعالى تقدّم على ذلك النور الجوهري ، وبجوهر النوري المسمّى بالركن الأبيض من العرش بمرتبتين ، وهو النور المحمدية أيضا ، والسابق عليه بعد حضرة الذات الأقدس تعالى عن النور المحمّدي المطلق المنزّه عن التلوّن والانصباغ بلون باقى الألوان ـ واللون هاهنا كناية عن تعيّنات ماهيات الأشياء الجوازية ـ وعالم النور المحمّدي ـ صلّى الله عليه ـ هو عالم البرزخ بين الوجوب والامكان والقدم والحدثان ، وفى هاهنا تقدّم الحقيقة المحمّدية المطلقة على كلية عالم الإمكان. (نورى)
(٤) خ : لا.