والمعدودين أن يكون الله عزوجل معدودا بذاته مع ثلاثة بالهند ، ومع ثلاثة بالسند ، ومع ثلاثة بالعراق ، ومع ثلاثة بالصين في وقت واحد ، لأنه لو كان ذلك لكان الذين هو رابعهم بالهند ، مع الثلاثة الذين هو رابعهم بالصين ، ثمانية كلهم لأنهم أربعة وأربعة بلا شك ، فكان تعالى حينئذ يكون اثنين وأكثر وهذا محال.
وكذلك إذا كان بذاته سادسا لخمسة هاهنا فهم ستة ، ورابعا لثلاثة هنالك فهم أربعة فهم كلهم بلا شك عشرة فهو إذا اثنان.
وكذلك قوله تعالى في الآية نفسها (إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) [سورة المجادلة : ٧].
إنما أضاف تعالى الأينية إليهم لا إلى نفسه تعالى ـ معناه أينما كانوا فهو تعالى معهم بإحاطته ، إذ محال أن يكون بذاته في مكانين.
فبطل اعتراضهم والحمد لله رب العالمين كثيرا.
وليس قول القائل : الله ورسوله ، أو الله وعمر ، مما يعترض به علينا ، لأننا لم نمنع من ضم اسمه تعالى إلى اسم غيره معه ، لأن الاسم كلمة مركبة من حروف الهجاء ، وإنما منعنا من أن تعد ذاته تعالى مع أي شيء غيره ، إذ العدد إنما هو جمع شيء إلى غيره في قضية ما والله تعالى لا يجمعه وخلقه شيء أصلا ، فصح انتفاء العدد عنه تعالى. وإذ صحّ انتفاء العدد عنه صح أنه ليس معدودا البتة ، والحمد لله رب العالمين.
ويسألون أيضا : أهذا الزمان والمكان اللذان يذكران ، أهما واقعان تحت الأجناس والأنواع أم لا؟ وهل هما واقعان تحت المقولات العشر (١) أم لا؟
فإن قالوا : لا ، فقد نفوهما أصلا ، وأعدموهما البتة ، إذ لا مقول من الموجودات إلّا هو واقع تحتها ، وتحت الأجناس والأنواع. حاشا الحق الأول الواحد الخالق عزوجل الذي علم بضرورة الدلائل ، ووجب لها خروجه عن الأجناس والأنواع والمقولات.
وبالجملة شاءوا أو أبوا ، فالخلاء والزمان المطلق اللذان يذكران إن كانا موجودين فهما واقعان تحت جنس الكمية والعدد ضرورة ، فإذا كان ذلك كذلك فهذا الزمان الذي ندريه نحن وهم ، وذلك الزمان الذي يدّعونه هما واقعان جميعا تحت جنس «متى».
__________________
(١) المقولات العشر الأرسطية هي : الكمية ، والكيفية ، والإضافة ، والمكان ، والزمان ، والوضع ، والملك ، والفعل ، والانفعال ، والجوهر. انظر الموسوعة العربية الميسرة (ص ١٧٣١ ، ١٧٣٢).