وهذا بيّن ظاهر أنه لم يعن النور المرئي ، لكن نور لا يرى. فلاح أن معنى «نور السماوات والأرض» إذا ثبت ، أنه ليس هو النور المرئي الملون ، أنّه الهادي لأهلهما فقط. وأن النور اسم من أسماء الله تعالى فقط.
وأما قوله تعالى : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) إلى قوله : (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) [سورة النور : آية ٣٥].
فإنه شبه نوره الذي يهدي به أولياءه بالمصباح الذي ذكر ، فإنه شبه مخلوقا بمخلوق.
وبيان ذلك : قوله تعالى متصلا بالكلام المذكور في الآية نفسها :
(نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) [سورة النور : ٣٥].
فصحح ما قلناه يقينا من أنه تعالى إنما عنى بنوره هداه للمؤمنين فقط ، وهذا أصح تشبيه يكون ، لأن نور هداه في ظلمة الكفر كالمصباح في ظلمة الليل.
فصل
وصف التوراة للمنّ النازل من السماء
ثم وصف المنّ النازل عليهم من السماء فقال : وكان أبيض شبيها بزريعة الكزبر ومذاقه كمذاق السميذ المعسل ، ثم قال في السفر الرابع :
«كان المنّ شبيها بزريعة الكزبر ، ولونه إلى الصّفرة ، وكان طعمه كطعم الخبز المعجون بالزيت».
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : هذا تناقض في الصفة واللّون والطعم ، وإحدى الصفتين تكذّب الأخرى بلا شك.
فصل
تجسيم التوراة للإله ووصفه بصفات البشر
وبعد ذلك قال : إنّ الله عزوجل قال لبني إسرائيل : لقد رأيتموني كلكم من السماء ، فلا تتخذوا معي آلهة الفضة. ثم قال بعد ذلك : ثم صعد «موسى» و «هارون» و «ناداب» و «أبيهو» وسبعون رجلا من المشايخ ونظروا إلى إله إسرائيل ، وتحت رجليه كلبنة من زمرد فيروزي ، وكسماء صافية ، ولم يمدّ الرّبّ يده إلى خيار بني إسرائيل الذين نظروا إلى الله ، وأكلوا وشربوا وقال بمقربة من ذلك : «وكان منظر عظمة السيد