ويقول مارقش : إنه
تراءى لمريم وأخبرتهم ، ولم يصدقوها ، ثم تراءى لاثنين فأخبراهم فلم يصدقوها ، ثم
نزل عليهم كلهم.
ويقول لوقا : إنهم
لم يصدقوا النساء ، وأن باطرة نهض إلى القبر ولم يجد شيئا ، ولا رأى أحدا ، وأنه
نزل منهم بأورشليم فرأوه حينئذ وأكل معهم الحوت المشوي ، وهذه صفة من لم يقصده
إليهم إلا الجوع وطلب الأكل.
ويقول يوحنا : إنه
تراءى لعشرة منهم حاشا «طوما» ثم تراءى لهم ولطوما.
قال أبو محمد :
ومثل هذا الاختلاف في قصة واحدة عن مقام واحد كذب لا شك فيه ، ولا يمكن أن يقع من
معصومين ، فصح أنهم كذابون لا يتحرّون الصدق فيما حدثوه وما كتبوه في هذه القضية.
ثم في هذه القصة :
قول مارقش عن المسيح «إنه بعد موته قبّح كفر تلاميذه ، وقسوة قلوبهم». فإذا شهد
المسيح على تلاميذه بعد رفعه بالكفر وقسوة القلوب ، فكيف يجوز أخذ الدّين عنهم؟ أم
كيف يجوز أن يعطي الإله مفاتيح السماوات ، ويولي منزلة التحريم والتحليل كافرا
قاسي القلب؟!!
وكل هذا برهان
واضح على أنّ أناجيلهم كتب مفتراة ، ومن عمل كذّابين كفّار.
ثم في هذه القصة :
أنّ مريم والتلاميذ كلهم كانوا يلتزمون بعد المسيح صيانة السبت وتعظيمه ، وترك
العمل فيه ، ولذلك أخّر عمل الحنوط إليه حتى دخل يوم الأحد ، فقد صحّ يقينا أنّ
هؤلاء المخاذيل ليسوا على دين المسيح ، ولا على ما مضى عليه تلاميذه ، بل على دين
آخر ، فسحقا لهم وبعدا ، والحمد لله رب العالمين على عظيم نعمته علينا معشر أهل
الإسلام.
فصل
وفي الثامن من
إنجيل مارقش : أن المسيح عليهالسلام قال لتلاميذه : إن دخول الجمل في سمّ الخياط أهون من دخول
المثري في ملكوت الله.
قال أبو محمد :
هذا قطع من كلامه بأن كل غني لا يدخل الجنة أبدا ، وفي أتباعه أغنياء كثير ، وما
رأينا قط أمة أحرص على جمع المال من الدراهم وغير ذلك وادخاره ومنعه دون أن
ينتفعوا منه بشيء ولا أن يتصدقوا منه بشيء من الأساقفة والقسيسين والرّهبان في كل
دير ، وكل كنيسة ، في كل بلد ، وكل وقت. فعلى موجب كلام إلههم أنهم لا يدخلون
الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ، وهذا والله حق ، وأنا على ذلكم من الشّاهدين.