فاتفق متّى ، ولوقا ، ويوحنا على أنه قال له : إنك تجحدني ثلاث مرات قبل أن يصرخ الديك ، وهكذا وصف كل واحد منهم عن باطرة أنه هكذا فعل ، إذ ميزه الغلام والأمة والقوم الذين كانوا يصطلون على النار.
وقال مارقش : إنه قال قبل أن يصرخ الديك مرتين تجحدني ثلاث مرات ، وهكذا وصف مارقس عن باطرة ، أنه فعل ليلتئذ.
فإنّ خادم الكوهن قال له : أنت من أصحاب يسوع فجحد ثم صرخ الديك ثم قالت الخادم للواقفين هنالك : هذا من أولئك فجحد ثانية ، ثم قال له الواقفون هنالك حقا إنك منهم فجحد ثالثة أيضا ثم صرخ الديك ثانية. فعلى قول مارقش كذب «متّى» و «لوقا» و «يوحنا» ، لأن الديك صرخ قبل أن يجحده ثلاث مرات. أو كذب المسيح ـ عليهالسلام ـ في إخباره بذلك إن كان هؤلاء صدقوا ، لا بدّ من إحداهما.
وعلى قول «متّى» و «لوقا» و «يوحنا» كذب مارقش أيضا كذلك ، لأن الديك صرخ قبل أن يجحده ثلاث مرّات. أو كذب المسيح. لابدّ من إحداهما ، والكذب واقع في أحد الخبرين ولا بد.
ثم طامة أخرى ، وهي اتفاق «متّى» و «مارقش» : على أن المسيح أخبر باطرة بأنه سيجحده تلك الليلة ، وأنّ باطرة ردّ خبره ، وقال له : لا يكون هذا.
فلو لا أن المسيح كان عند «باطرة» ممن يكذب في خبره ، ما كذبه مواجهة مرة بعد مرة ، أو كفر باطرة إذ كذب ربه أو نبيا. لا بدّ من إحداهما.
فإن كان كفر باطرة ، فكيف يعطى مفاتيح السموات لمرتد كافر مكذب لله تعالى؟ أو لنبي من الأنبياء جهارا؟ أم كيف يولى رتبة التحريم والتحليل من يكذب الله تعالى أو نبيه؟ أو كيف يؤخذ الدين عن من يكذب ربه ، أو كذب خبر نبي من الله تعالى جهارا في آخر ساعة كان فيها معه ، وختم بذلك عمله؟
ما سمعنا بأوسخ عقولا من أمة هذه صفة دينهم ، وكتابهم ، وأئمتهم ، ونعوذ بالله من الخذلان.
وفي الباب الثامن والعشرين من إنجيل متّى : أن الخشبة التي صلب عليها أخذ لحملها سخرة شيمون.
وفي الباب الثالث عشر من إنجيل مارقش : أن تلك الخشبة التي صلب عليها يسوع أخذ لحلمها شيمون القيرواني والد الاسكندر ، ودونه.