الفصول الثلاثة بعده أن في الجنة أكلا وشربا للخبز والخمر على الموائد. والنصارى ينكرون كل هذا ، ولا مئونة عليهم في تكذيبهم للمسيح مع إقرارهم بعبادتهم له ، وأنه ربهم لا سيما في الفصل الأول ، أن الناس في الجنة كالملائكة ، وفي التوراة التي يصدقون بها أن الملائكة أكلت عند لوط وعند إبراهيم عليهماالسلام الفطائر واللحم واللبن والسمن ، وإذا كانت الملائكة يأكلون والناس في الجنة مثلهم ، فالناس في الجنة يأكلون ويشربون بلا شك ، بموجب التوراة والإنجيل ، ولا سيما وقد أخبروا أن المسيح بعد أن مات ورجع إلى الدنيا ولقي تلاميذه طلب منهم ما يأكل فأتوه بحوت مشوي ، فأكل معهم وشرب شراب عسل بعد موته ، فإذا كان الإله يأكل الحيتان المشوية ويشرب عليها العسل فأي نكرة في أكل الناس وشربهم في الجنة؟ وإذا كان الله تعالى عندهم اتخذ ولدا من امرأة اصطفاها فأيّ عجب في اتخاذ الناس النساء في الجنة؟ وهذا هو طبعهم الذي بناهم الله عزوجل عليه. إلّا أنّ في دعوة هؤلاء النّوكى (١) لعبرة لمن اعتبر. والحمد لله على السلامة.
وعجب آخر وهو وعده للاثني عشر تلميذا بأنهم يقعدون على عروش حاكمين على اثني عشر سبطا من بني إسرائيل ، فوجب ضرورة كون يهوذا الأشكريوطي فيهم ، ولا يجوز أن يخاطب بهذا أصحابه دونه ، لأنه قد أوضح أنهم اثنا عشر على اثني عشر سبطا من بني إسرائيل ـ وجب ضرورة كون الأشكريوطي فيهم ، وهذا الذي دل عليه اليهود برشوة ثلاثين دريهما ، فلا بدّ من أنه لم يذنب في ذلك ، وهذا كذب ، لأنه قد قال في مكان آخر : «ويل لذلك الإنسان الذي قيل فيه : كان أحب إليه لو لم يخلق».
أو كذب المسيح في الوعد المذكور ، لا بدّ من إحداهما ضرورة.
فصل
وفي الباب الثالث من إنجيل متّى : أنّ المسيح كاشف علماء بني إسرائيل ، وقال : ما تقولون في المسيح؟ وابن من هو؟
قالوا : هو ابن داود.
فقال لهم : كيف يسميه داود بالروح إلها حيث كنت قال الله إلهي : اقعد عن يميني حتى أجعل من أعاديك كرسيا لقدميك.
فإن كان «داود» يدعونه إلها كيف هو ولده؟
__________________
(١) النوكى : الحمقى.