يجوز أن يتكلم بشيء ولا يعنى به شيئا إلزاما لهم من قولهم إنه لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله ، بهذا القول الباطل الذي لم يقله أحد من أهل الأرض ، وكما نقل هذا أو غيره من أهل البهتان أن مذهبهم أن الله جسم إلزاما لهم بقولهم إن الله مستو على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه موصوف بصفات الكمال.
وبالجملة فمن يستجيز الكذب على الله ورسوله ، ويخبر عنه ما لم يخبر عن نفسه ، وينفي عنه ما أثبته لنفسه ، يقول علي الله ما لا يعلم ، كيف لا يستجيز الكذب علي مخلوق مثله قلبه ملآن من الهوى والغل عليه وعلي أشباهه وأتباعه فالله الموعد (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (الشعراء : ٢٢٧).
وأما الشهادة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمضمون هذه الأحاديث فمما لا يستريب فيه من له أدنى علم بالسنن والآثار وقول الصحابة : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما أخبرهم به المخبر عنه ، وقول التابعين كذلك ، وقول تابعى التابعين ؛ وقول جميع أئمة الإسلام في كتبهم والشهادة لا يشترط فيها قول أشهد.
قال ابن عباس : شهد عندي رجال مرضيون ، وأرضاهم عندي عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ، وبعد العصر حتى تغرب الشمس (١) ومعلوم أنهم لم يتلفظوا بلفظ أشهد ، وقال تعالى : (قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) (الأنعام : ١٥٠) وشهادتهم إخبارهم أن الله تعالى حرمه. والله تعالى أعلم.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا من يومنا هذا إلى يوم الدين.
تم بحمد الله تعالى وحسن توفيقه وإعانته وتسديده هذا المختصر المفيد المشتمل على تقرير طريقة أهل السنة والجماعة والرد على مخالفيهم من أهل البدعة والشناعة ، فرحم الله مؤلفه وجزاه عن أهل السنة خيرا.
وقال محققه : ورحم الله مختصره بتقريبه عقيدة أهل الحق وتيسيره على المسلمين وشملنا معهم بعظيم لطفه وعفوه آمين.
__________________
(١) ورواه البخاري (٥٨٦) ، ومسلم (صلاة المسافرين / ٨٢٧).