لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي : ومن قال غير مخلوق ، فهو مبتدع ، وساعد ذلك نوع حسد باطن للبخاري لما كان الله نشر له من الصيت والمحبة في قلوب الخلق واجتماع الناس عليه حيث حل. حتى هضم كثير من رئاسة أهل العلم وامتعضوا لذلك ، فوافق الهوى الباطن الشبهة الناشئة من القول المجمل ، وتمسكوا بإطلاق الإمام أحمد وإنكاره على من قال لفظي بالقرآن مخلوق وأنه جهمي ، فتركب من مجموع هذه الأمور فتنة وقعت بين أهل الحديث.
قال الحاكم أبو عبد الله : سمعت أبا القاسم طاهر بن أحمد الوراق يقول : سمعت محمد بن شاذان الهاشمي يقول : لما وقع بين محمد بن يحيى ومحمد ابن إسماعيل دخلت على محمد بن إسماعيل فقلت : يا أبا عبد الله إيش الحيلة لنا فيما بينك وبين محمد بن يحيى. كل من يختلف إليك يطرد من منزله ، وليس لكم منزل. قال : محمد بن يحيى كمن يعتريه الحسد في العلم ، والعلم رزق من الله تعالى يعطيه من يشاء ، فقلت يا أبا عبد الله : هذه المسألة التي تحكى عندك ، فقال لي : هذه مسألة مشئومة رأيت أحمد بن حنبل وما ناله من هذه المسألة جعلت على نفسي لا أتكلم فيها ، والمسألة التي كانت بينهما كان محمد بن يحيى لا يجيب فيها إلا ما يحكيه عن أحمد بن حنبل ، فسئل محمد بن إسماعيل فوقف عنها ، وهي أن اللفظ بالقرآن مخلوق ، فلما وقف عنها البخاري تكلم فيه محمد بن يحيى وقال : قد أظهر هذا البخارى قول اللفظية ، واللفظية شر من الجهمية.
قال الحاكم : سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد العدل يقول : سمعت أبا حامد ابن الشرقي يقول : سمعت محمد بن يحيى يقول : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، وهو قول أئمتنا مالك بن أنس ، وعبد الرحمن بن عمر ، والأوزاعي ، وسفيان بن عيينة ، وسفيان الثوري ، والكلام كلام الله غير مخلوق من جميع جهاته ، وحيث تصرف ، فمن لزم ما قلنا استغنى عن اللفظ وعما سواه من الكلام في القرآن ، من زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر وخرج من الإيمان وبانت منه امرأته ويستتاب ، فإن تاب وإلا ضربت عنقه ، وجعل ماله فيئا