سيف من سيوف الله» (١) وقوله في الفرس : «إن وجدناه لبحرا» (٢) وقوله عن حمزة «أنه أسد الله وأسد رسوله» (٣) وقوله عن الحجر الأسود «إنه يمين الله في الأرض» (٤) وقوله : «الآن حمى الوطيس» (٥) وقوله : «اللهم اغسلنى من خطاياى بالماء والثلج والبرد» (٦) ونحو ذلك ، علي حقيقته.
فيقال له : وما حقيقة ذلك عندك؟ فإنك أخطأت كل خطأ إذ ظننت أن حقيقته غير المعنى المراد به ، والمفهوم منه هو إسكات المادح عنه بالعطاء فيقطع لسان مقاله ، وكون خالدا يقتل المشركين كما يقتل السيف المسلول الّذي لا يحتاج إلى أن ينتضى ، بل هو مسلول مستعد للقتل ، وكون حمزة مفترسا لأعداء الله إذا رأى المشرك لم يلبث أن يفترسه ، كما أن الأسد إذا رأى الغير لم يدعه حتى يفترسه ، وكون مقبل الحجر الأسود بمنزلة مقبل يمين الرحمن ، لا أنه نفس صفته القديمة وعين يده التي خلق بها آدم ويطوي بها السماوات والأرض ، وكون الحرب منزلة التنور الذي يسجر قليلا قليلا حتى يشتد حموه فيحرق ما يلقي فيه ، وكون الخطايا بمنزلة الوسخ والدرن يوسخ البدن ويوهنه يضعف قواه ، والثلج والبرد والماء البارد يزيل درنه ويعيد قوته ويزيده صلابة وشدة ، فهل لهذه الألفاظ حقيقة إلا ذلك وما استعملت إلا في حقائقها ، فهذا التقييد والتركيب عين المراد منها بحيث لا تحتمل غيره ، كما أن التقييد والتركيب في قولك جاء الثلج حتى عم الأرض وأصاب البرد الزرع ، والماء البادر يروى الظمآن ، والأسد ملك الوحوش ، والسيف ملك السلاح ، وفي قطع اللسان الدية ، وإذا حمى الوطيس فضع فيه العجين ، يحتمل غير المراد منه في هذا التركيب ، فهذا مقيد وهذا مقيد ، وهذا
__________________
(١) تقدم تخريجها قريبا.
(٢) تقدم تخريجها قريبا.
(٣) تقدم تخريجها قريبا.
(٤) تقدم تخريجها قريبا.
(٥) أخرجه مسلم (١٧٧٥) ، والإمام أحمد (١ / ٢٠٧).
(٦) أخرجه البخارى (٧٤٤) ، ومسلم (٥٩٨).