قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مختصر الصواعق المرسلة على الجهميّة والمعطّلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهميّة والمعطّلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهميّة والمعطّلة

تحمیل

مختصر الصواعق المرسلة على الجهميّة والمعطّلة

279/787
*

والعالم المشهود معين لا كلي. لزم قطعا مباينة أحد المتعينين للآخر ، فإنه إذا لم يباينه لم يعقل تميزه عنه وتعينه.

فإن قيل : هو يتعين بكونه لا داخلا فيه ولا خارجا عنه ، قيل : هذا ـ والله ـ حقيقة. قولكم ؛ وهو عين المحال ، وهو تصريح منكم بأنه لا ذات له ولا ماهية تخصه فإنه لو كان له ماهية يختص بها لكان تعينها لماهيته وذاته المخصوصة ، وأنتم إنما جعلتم تعينه بأمر عدمي محض ونفي صرف ، وهو كونه لا داخل العالم ولا خارجا عنه ، وهذا التعيين لا يقتضي وجوده مما به يصح على العدم المحض ، وأيضا فالعدم المحض لا يعين المتعين ، فإنه لا شيء وإما يعينه ذاته المخصوصة وصفاته ، فلزم قطعا من إثبات ذاته تعين تلك الذات ؛ ومن تعينها مباينتها للمخلوقات ، ومن المباينة العلو عليها لما تقدم من تقريره وصح بمقتضى العقل والنقل والفطرة ، ولزم من صحة هذه الدعوى صحة الدعوى الثانية ، وهي أن من أمكن مباينته للعالم وعلوه عليه لزمه إمكان ربوبيته وكونه إلها للعالم.

(فصل) ثبت بالفعل إمكان رؤيته تعالى ، وبالشرع وقوعها في الآخرة ؛ فاتفق الشرع والعقل على امكان الرؤية ووقوعها ، فإن الرؤية أمر وجودي لا يتعلق إلا بموجود ، وما كان أكمل وجودا كان أحق أن يرى ، فالبارى سبحانه أحق أن يرى من كل ما سواه ، لأن وجوده أكمل من كل موجود سواه.

يوضحه : أن تعذر الرؤية إما لخفاء المرئي ، وإما لآفة وضعف في الرائي ، والرب سبحانه أظهر من كل موجود ، وإنما تعذرت رؤيته في الدنيا لضعف القوة الباصرة عن النظر إليه ، فإذا كان الرائي في دار البقاء كانت قوة البصر في غاية القوة لأنها دائمة ، فقويت على رؤيته تعالى ، وإذا جاز أن يرى ، فالرؤية المعقولة له عند جميع بني آدم ، عربهم وعجمهم وتركهم وسائر طوائفهم ، أن يكون المرئي مقابلا للرائي مواجها له بائنا عنه ، لا تعقل الأمم رؤية غير ذلك. وإذا كانت الرؤية مستلزمة لمواجهة الرائي ومباينة المرئي لزم ضرورة أن يكون مرئيا