ذكر الشيخ أبو الحسن علي بن محمد الماوردي الشافعي في كتابه أعلام النبوة (١) فقال: ومن إنذاره صلىاللهعليهوآله ما رواه عروة عن عائشة قالت : دخل الحسين بن عليعليهماالسلام على رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يوحى إليه ، فبرك على ظهره وهو منكبّ ولعب على ظهره فقال جبرائيل : يا محمّد إنّ أمّتك ستفتن بعدك ، ويقتل ابنك هذا من بعدك ومدّ يده فأتاه بتربة بيضاء وقال : في هذه الأرض يقتل ابنك اسمها الطفّ.
فلمّا ذهب جبرئيل خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى أصحابه والتربة في يده ، وفيهم أبو بكر وعمر وعلي وحذيفة وعمّار وأبو ذر وهو يبكي فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال : أخبرني جبرائيل أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطفّ ، وجاءني بهذه التربة فأخبرني أنّ فيها مضجعه ، انتهى.
ثمّ يضيف السيد الأمين رحمهالله على ذلك بقوله : أقول : ولا بدّ أن يكون الصحابة لما رأوا رسول الله صلىاللهعليهوآله يبكي لقتل ولده وتربته بيده ، وأخبرهم بما أخبره جبرئيل من قتله ، وأراهم تربته التي جاء بها جبرائيل ، أخذتهم الرقّة الشديدة فبكوا لبكائه وواسوه في الحزن على ولده ، فإنّ ذلك ممّا يبعث على أشدّ الحزن والبكاء لو كانت هذه الواقعة مع غير النبيصلىاللهعليهوآله والصحابة فكيف بهم معه؟ فهذا أوّل مأتم أقيم على الحسين عليهالسلام يشبه مآتمنا التي تقام عليه ، وكان الذاكر فيه للمصيبة رسول الله صلىاللهعليهوآله والمستمعون أصحابه ...
قلت : هذا الخبر يدلّ على ما ادّعيناه : أنّ الصحابة كانوا عالمين بمقتل الحسين عليهالسلام بإخبار النبي صلىاللهعليهوآله وإعلامه لهم (٢).
روى الشيخ ابن قولويه قدسسره في كامل الزيارات بإسناده عن مالك الجهني عن الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، قال : من زار الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء من المحرّم حتّى يظلّ عنده باكيا ، لقي الله تعالى يوم القيامة بثواب ألفي ألف حجّة وألفي ألف عمرة وألفي
__________________
(١) اعلام النبوّة ، ص ٨٣ ، طبعة مصر.
(٢) انظر ص ٥٦٠ ـ ٥٦٢.