الأوّل : الحقّ عندنا أنّ الأنبياء عليهمالسلام أفضل من الملائكة وهو مذهب الأشاعرة أيضا.
لنا وجوه :
الأوّل : أنّهم يعبدون الله مع المعاوق الداخلي كالشهوة والغضب والقوى البدنية ، والخارجي كالأهل والولد بخلاف الملائكة ، فإنّهم مجبولون على الخير ، فيكون الأوّل أشقّ ، وهو ظاهر فيكون أفضل ؛ لقوله عليهالسلام : «أفضل العبادة أحمزها» أي أشقّها.
الثاني : قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (١) فيدخل الملائكة.
الثالث : أمر الملائكة بالسجود لآدم ، وهو أعظم ما يكون من الخشوع ، وأمر العالي بذلك للسافل مناف للحكمة ، وأيضا فإنّه معلّمهم بقوله : (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) (٢) والمعلّم أفضل.
وخالف المعتزلة والحكماء محتجّين ، بأنّهم خير محض ونفوسهم خالية من القوى البشرية الشريرة كالشهوة والغضب بخلاف البشر ، وبأنّ علومهم أكمل لكون نفوسهم أقوى ، وبأنّ نسبة النفس إلى النفس كنسبة البدن إلى البدن ، ولا شكّ في أفضلية السماوات على أبداننا فنفوسها أشرف من نفوسنا ، وبأنّهم دائما في العبادة بقوله : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٣) ولقوله : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) (٤) وتأخير النفي في مثل هذه الصورة يدلّ على الأفضلية كما يقال : لن يستنكف فلان من خدمة الملك ولا الأمير ، وبتلقّيهم العبادة أوّلا ؛ لأنّهم في العبادة أولى ، لأنّهم طرق تعليم الدين فهم أفضل ؛ لقوله : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ
__________________
(١) آل عمران ٣ : ٣٣.
(٢) البقرة ٢ : ٣٣.
(٣) الأنبياء ٢١ : ٢٠.
(٤) النساء ٤ : ١٧٢.