الواردة في ثواب زيارة قبره المطهّر لا يكون إغراء على المعصية بعد ما عرفت أنّ استحقاق العقاب قطعي ، وأمّا نيل ثواب البكاء والزيارة ليس بقطعي ، بل معلق على أمر غير معلوم الحصول معلّق على المشيئة والقبول واجتماع شرائط القبول ، ولا يعلم المكلّف حصولها على القطع فلا إغراء.
نعم ينبغي بل يلزم عند نقل ثواب البكاء والزيارة إفهام الناس ذلك ، ولا سيّما لبسطاء العقول وتفهيمهم ذلك على النحو الأتمّ ، وإلّا فهم المسئولون إن حصل الإغراء لهم من جهة عدم إفهامهم واقع المطلب وحقيقته ، والله الموفق وهو الهادي إلى الصراط السوي.
ثمّ نعود أيضا ونقول : إنّك قد عرفت أنّه لا ينبغي التحامل على أهل المنابر من الوعاظ والخطباء والذاكرين لفضائل العترة الطاهرة عليهمالسلام ، في نقلهم ثواب البكاء على سيّدنا المظلوم الإمام الشهيد الحسين عليهالسلام ، وثواب زيارة قبره المطهر في كربلاء المقدسة في أندية الناس ومجتمعات المسلمين ، بادّعاء أنّ ضعفاء العقول يستمعون ذلك منهم ويكون إغراء لهم على المعاصي والموبقات ، كما يصدر هذا التوهم الباطل عن بعض البسطاء أو المخالفين لإقامة المآتم على الإمام الحسين عليهالسلام ؛ فإنّك عرفت أنّه لا إغراء في ذلك بعد بيان واقع المطلب وإفهام الناس ذلك كما ذكرنا تفصيلا.
وقد ورد عن الأئمّة الطاهرين عليهمالسلام أنّهم ذكروا كثيرا ثواب البكاء وإنشاد الشعر في عزاء الحسين عليهالسلام وفي مراثيه ، وذكروا ذلك على رءوس الأشهاد في حشد الناس ومجتمعهم ونواديهم ، وكان النبي صلىاللهعليهوآله وأصحابه أوّل من بكوا على الحسين عليهالسلام ، ونقلوا ثواب البكاء عليهم وذكروا ثواب زيارة قبره الشريف.
قال السيد الإمام السيد محسن الأمين العاملي رحمهالله في كتابه «إقناع اللائم على إقامة المآتم (١)» ما نصّه :
__________________
(١) إقناع اللائم ، ص ٣٠.