ومرقده المنيف ، مضافا إلى ضرورة المذهب من أسباب العفو الإلهي الذي عرفت ، أنّ الشيعة الإمامية قاطبة قالوا بثبوته خلافا للمعتزلة المنكرين له ، وهو على خلاف من النصوص القرآنية لشبهات واهية وتوهّمات فاسدة ، وقد دحضناها فيما تقدّم من كلماتنا وما نقلنا عن الأكابر من علمائنا السابقين أو أساتذتنا الحاضرين رحم الله تعالى معشر الماضين منهم وألحقنا بهم في الصالحين وأدام الله ظلال الباقين.
وقد عرفت أنّ الآيات الشريفة الدالة على المؤاخذة والتعذيب والوعيد كلّها مخصّصة بآيات العفو والغفران ولا سيما قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) كما أنّها مخصّصة بآيات التوبة ، ولا شكّ أنّ العمومات القرآنية تخصّص بالسنة المتواترة ، كما في الأحاديث الكثيرة الواردة في خصوص ثواب البكاء على الحسينعليهالسلام وثواب زيارة قبره المطهر ، فإنّ البكاء والزيارة من جملة أسباب العفو الإلهي الذي قلنا بثبوته وعدم لزوم الإغراء بالمعصية منه.
ونقول : إنّ في البكاء والزيارة وفي نقل الثواب عليهما لا يلزم الإغراء بالمعصية أيضا ، كما قد يتوهّم بعض البسطاء ، نظير ما زعمه المعتزلة في مطلق العفو الإلهي من غير توبة ، فإنّ الإغراء إنّما يحصل إذا قطع الإنسان بالعفو والغفران ، ويقطع أنّ بسبب البكاء والزيارة يغفر الذنوب ويحصل نيل الثواب ، وأمّا إذا كان ذلك كلّه معلّقا على أمر غير معلوم الحصول فلا إغراء قطعا.
والغفران بسبب من أسبابه معلّق على المشيئة الإلهية كما في الآية : (لِمَنْ يَشاءُ) ولا علم لكلّ شخص بالخصوص في حقّ نفسه أنّ الله تعالى يشاء ذلك في حقّه أو لا ، فيحتمل عدم العفو للشكّ في كونه ممّن يشاء الله العفو عنه وممّن يقبل بكاؤه وزيارته. وأمّا في المعصية فالقطع حاصل للعاصي على استحقاق العقاب ، وليس الاستحقاق مشكوكا أو معلّقا على شيء ، وهذا يكفي في الارتداع عن المعصية وعدم الإغراء عليها.
فهنا نقف معك أيّها القارئ الكريم ونقول : إنّ في قراءة الخطباء والذاكرين على المنابر ، ونقلهم الأخبار الواردة في ثواب البكاء على الحسين عليهالسلام ، وكذا في نقل الأخبار