ونزيدك بيانا هنا ونقول : الحقّ في الوعد وجوب الوفاء به على الله تعالى ؛ فإنّ عدم الوفاء به قبيح عقلا لا يصدر عن الحكيم ، ولا سيما من الكريم تعالى شأنه وإن لم يكن المكلّف مستحقا له في الحقيقة.
وأمّا الوعيد فالله تعالى فيه بالخيار إن شاء غفر وإن شاء عذّب ؛ لعدم القبح في عدم الوفاء بالوعيد ، وعلى ذلك ورد النقل أيضا عن العترة الطاهرة عليهمالسلام :
ففي خبر عبد الله بن القاسم الجعفري كما في كتاب «المحاسن» للبرقي (ره) وفي غيره عن الصادق عليهالسلام عن آبائه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجز له ، ومن أوعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار إن عذّبه فبعدله وإن عفا عنه فبفضله وما الله بظلام للعبيد (١).
وأضف إلى ما ذكرنا :
إنّ الله تبارك وتعالى أمرنا بالعدل ، وعاملنا بما هو فوقه ، وهو التفضل ، وذلك أنّه عزوجل يقول : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٢)
ولا يرد على ما قلناه ما قاله المعتزلة الجاحدون للعفو والمكذّبون لله تعالى فيما أخبر به ، من أنّه لو صدر ذلك من الله ـ بعد ما أوعد مرتكبي الكبيرة بالعقاب ولم يعاقب ـ لزم الخلف في وعده والكذب في خبره ، وهما محالان.
لأنّا نقول : إنّ الوعد والوعيد مشروطان بقيود وشروط معلومة من النصوص ، فيجوز التخلّف بسبب بعض تلك الشروط ؛ ولأنّ الغرض منها إنشاء الترغيب والترهيب لا الإخبار ، ولا سيّما بعد تكثّر الآيات والروايات بالفرق فيما بين الأمرين ؛ ولأنّ الوعد حقّ العبد والوعيد حقّ الله تعالى ، وهو من المدائح التي مدح بها نفسه في مواضع عديدة ، وأمر العباد بذلك في أدعيتهم وأنديتهم.
__________________
(١) المحاسن ، ج ١ ، ص ٢٤٧ ، الباب ٢٧ ، طبعة طهران.
(٢) الأنعام ٦ : ١٦٠.