لمن يشاء من المذنبين غير المشركين والكافرين ، فلو لم يكن يغفر ما دون الشرك إلّا بالتوبة لما كان للتفصيل بينهما بالنفي والإثبات وجه ، فالتفصيل قاطع للشركة ، والآيات الدالّة على المؤاخذة والتعذيب جميعها قابلة للتخصيص بهذه الآية ، كما أنّها مخصّصة بآية التوبة ونحوها ممّا ورد في خصوص البكاء على الحسين عليهالسلام وزيارة قبره.
بقي شيء وهو أنّه ربّما يشكل على الآية بأنّها تنافي قاعدة اللطف ، فإنّها تقتضي تبعيد المكلّف عن المعصية وتقريبه إلى الطاعة ، والعفو اللازم ينافي ذلك ويكون إغراء على المعصية ؛ إذ لا يكون بعده رادع للمكلّف عن المعصية ، وبمثله يشكل على ما دلّ على العفو عن الصغائر في فرض الاجتناب عن الكبائر ، بل يطّرد الإشكال بالنسبة إلى مطلق المعصية مع تشريع التوبة.
ولكنّه مدفوع بأنّ الإغراء إنّما يحصل بالقطع على الغفران ، وأمّا إذا كان معلّقا على أمر غير معلوم الحصول فلا نفي في المقام معلّق على المشيئة الإلهية ولا يعلم أنّه يشاء ذلك أم لا ، وفي مسألة العفو عن الصغائر معلّق على الاجتناب عن الكبائر ، ولا يحصل العلم ولا الاطمئنان لأحد بأنّه لا يرتكب كبيرة أصلا حتّى يكون مأمونا من العقاب حين ارتكب الصغائر ، ومع عدم حصول العلم ولا الوثوق بعدم ارتكاب الكبائر لا يمكن أن يكون العفو المعلّق مؤمّنا له حين الارتكاب حتّى يكون منافيا لقاعدة اللطف.
ومنه يظهر الجواب عن الإشكال في العفو عن مطلق المعاصي مع التوبة ، وذلك لعدم الوثوق من المرتكب لها حين ارتكابها أنّه يتوفّق للتوبة ، ويحتمل أن يموت فجأة قبل التوبة ، ومعه لا مؤمن له من العقاب حين الارتكاب فلا يتنافى شيء من الموارد المذكورة مع قاعدة اللطف أصلا (١).
هذا آخر ما ذكره سيدنا الأجلّ العلّامة الطباطبائي التبريزي قدسسره.
__________________
(١) رسالة خاصة أرسلها سيدنا العلامة الفقيه السيد محمد الجواد الطباطبائي التبريزي قدسسره إلى صاحب كتاب التوبة والعفو الإلهي ، وأدرجها هو في ذلك الكتاب انظر من ص ١٩٤ إلى ١٩٩.