جلّ إن شاء عذّب ، وإن شاء عفا عنها.
وفي الفقيه عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث : ولقد سمعت حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : لو أنّ المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الارض لكان الموت كفّارة لتلك الذنوب ، ثمّ قال : من قال : لا إله إلّا الله بإخلاص فهو بريء من الشرك ، ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ثمّ تلا هذه الآية : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) من شيعتك ومحبّيك يا علي عليهالسلام قال أمير المؤمنين عليهالسلام :
فقلت : يا رسول الله هذا لشيعتي قال : إي وربّي إنّه لشيعتك (١).
قال الشيخ العلّامة البلاغي (ره) : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) ممّن يراه بحكمته ورحمته أهلا للغفران ؛ جزاء لما سعد به من اختياره للأعمال الصالحات العظيمة التي تؤهّله بكثرتها وكبير شأنها وعظيم أثرها في الصلاح ، إن يغفر الله برحمته وحكمته له بعض سيّئاته وإن لم يبادر بالتوبة (٢).
المرجع الأعلى للشيعة اليوم سيدنا الأستاذ الأكبر الخوئي دام ظلّه الوارف يبدي نظره بقوله الآتي ، وملخّص ما يرتئيه دام ظلّه الرفيع في موضع الآية الكريمة : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) ينحصر في خمسة أمور :
ألف) إنّ طاعة الله سبحانه هي ما حكم بموجبها العقل الفطري السليم الحاكم بوجوب شكر المنعم ، وبلزوم دفع الضرر المحتمل ، وبلزوم كون أحكام الله تابعة للمصالح الشخصية ، أو النوعية النظامية ، كما أرشدنا إليها القرآن الكريم بقوله عزّ من قائل : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).
ب) أنّه لا يتحتّم على الله سبحانه أن يثيب العبد بطاعته وإنّما الثواب بفضله سبحانه ، وبوعده الذي لا خلف فيه ، بحكم العقل بقبح (٣) خلف الوعد على المخلوقين فضلا عن الخالق العظيم ، ودعوى أنّ الجزاء على الطاعة واجب على الله تعالى إن
__________________
(١) تفسير الصافي ، ص ٣٤.
(٢) آلاء الرحمن ، ج ٢ ، ص ١٣٧ ـ ١٣٨.
(٣) فإذا كان خلف الوعد قبيحا فلذلك يتحتّم عليه أن يثيب العبد بطاعته كما سيصرّح به دام ظلّه.