(يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) (١) و (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) (٢) وبهذا وردت الأخبار الكثيرة من طريق الخاص والعام وانعقد عليه إجماع سلف أهل الإسلام.
ومن قال : إنّ في غفران ذنوب البعض دون البعض ميلا ومحاباة ، ولا يجوز الميل والمحاباة على الله ، فجوابه : أنّ الله متفضّل بالغفران ، وللمتفضّل أن يتفضّل على قوم دون قوم وإنسان دون إنسان ، وهو عادل في تعذيب من يعذّبه ، وليس يمنع العقل ولا الشرع من الفضل والعدل ...
ومن قال منهم : إنّ لفظ (ما دُونَ ذلِكَ) وإن كانت عامة في الذنوب التي هي دون الشرك ، فإنّما نخصّها ونحملها على الصغائر أو ما تقع منه التوبة ؛ لأجل عموم ظاهر آيات الوعيد ، فجوابه : أنّا نعكس عليكم ذلك فنقول : بل قد خصّصوا ظاهر تلك الآيات لعموم ظاهر هذه الآية ، وهذا أولى ؛ لما روي عن بعض السلف أنّه قال : إنّ هذه الآية استثناء على جميع القرآن ، يريد به ـ والله أعلم ـ جميع آيات الوعيد أيضا ؛ فإنّ الصغائر تقع عندكم محبطة ولا تجوز المؤاخذة بها ، وما هذا حكمه فكيف يعلّق بالمشيئة؟! فإنّ أحدا لا يقول : إنّي أفعل الواجب إن شئت ، وأردّ الوديعة إن شئت ، وجاءت الرواية عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : ما في القرآن آية أرجى عندي من هذه الآية (٣).
قال المحقق الفيض الكاشاني (ره) : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) لأنّه حكم على خلود عذابه ، من جهة أنّ ذنبه لا ينمحي عنه أثره فلا يستعدّ لعفو إلّا أن يتوب ويرجع إلى التوحيد ، فإنّ باب التوبة مفتوح أبدا ، ويغفر ما دون ذلك ما دون الشرك صغيرا كان أو كبيرا لمن يشاء تفضّلا عليه وإحسانا.
وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام في هذه الآية قال : الكبائر في سواها ....
وفيه وفي الفقيه أنّه سئل : هل تدخل الكبائر في مشيئة الله قال : نعم ذاك إليه عزّ و
__________________
(١) السجدة ٣٢ : ١٦.
(٢) الزمر ٣٩ : ٩.
(٣) مجمع البيان ، ج ٣ ص ٥٧.