بإيمانهم بالله وبرسوله وبما جاء من عنده وفاسقون بما معهم من كبائر الآثام ، ولا أطلق لهم اسم الفسق ولا اسم الإيمان بل أقيّدهما جميعا في تسميتهم بكلّ واحد منهما ، وأمتنع من الوصف لهم بهما من الإطلاق ، وأطلق لهم اسم الإسلام بغير تقييد وعلى كلّ حال ، وهذا مذهب الإمامية (١) ... أمّا بالنسبة لآيات الوعيد فقد قيل : فإذا لم يثبت وجود صيغة للعموم تخصّه في لغة العرب ، يحتمل اللفظ العموم والخصوص ، فيجوز عند ذلك تخصيص الوعيد بالكفار دون فسّاق أهل القبلة ، كما هو مذهب الإمامية والمرجئة وتخالفهم فيه المعتزلة (٢).
وقال شيخ الطائفة الطوسي (ره) ـ عند تفسير الآية الكريمة : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) الآية ـ : وظاهر الآية يدلّ على أنّ الله تعالى لا يغفر الشرك أصلا ، لكن أجمعت الأمّة على أنّه لا يغفره مع عدم التوبة ، فأمّا إذا تاب منه فإنّه يغفره وإن كان عندنا غفران الشرك مع التوبة تفضّلا وعند المعتزلة هو واجب ، وهذه الآية من آكد ما دلّ على أنّ الله تعالى يعفو عن المذنبين من غير توبة.
ووجه الدلالة فيها : أنّه نفى أن يغفر الشرك إلّا مع التوبة وأثبت أنّه يغفر ما دونه ، فيجب أن يكون مع عدم التوبة ؛ لأنّه إن كان ما دونه لا يغفر إلّا مع التوبة فقد صار ما دون الشرك مثل الشرك ، فلا معنى للنفي والإثبات ، وكان ينبغي أن يقول : إنّ الله لا يغفر المعاصي إلّا بالتوبة ، ألا ترى أنّه لا يحسن أن يقول الحكيم : أنا لا أعطي الكثير من مالي تفضّلا وأعطي القليل إذا استحقّ عليّ ؛ لأنّه كان يجب أن يقول : أنا لا أعطي شيئا من مالي إلّا إذا استحقّ علي. كيف وفي الآية ذكر العظيم وهو الشرك وذكر ما دونه ، والفرق بينهما بالنفي والإثبات فلا يجوز ، ألا يكون بينهما فرق من جهة المعنى.
فإن قيل : نحن نقول : إنّه يغفر ما دون الشرك من الصغائر من غير توبة.
قلنا : هذا فاسد من وجهين :
__________________
(١) أوائل المقالات ، ص ٦٠ الطبعة الثانية تبريز.
(٢) انظر هامش أوائل المقالات ، ص ٥٩ الطبعة الثانية تبريز.