الالهي (١) عن سيدنا الأستاذ الأكبر المرجع الأعلى للشيعة اليوم السيد أبي القاسم الخوئي دام ظلّه الوارف ، ويأتي نقل نصّ كلماته الشريفة فيما يأتي مع نقل كلمات عن سيدنا الأعظم الطباطبائي التبريزي قدسسره أيضا إن شاء الله تعالى.
منها : أنّ الكثير من آيات القرآن الكريم دالة على جواز العفو ووقوعه عن بعض المذنبين بلا توبة. منها قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).
وهذان الحكمان : نفي المغفرة في أوّل الآية بقوله : (لا يَغْفِرُ). وإثباتها في آخرها بقوله : (وَيَغْفِرُ) إمّا أن يكونا مع التوبة أو بدونها ، والأوّل وهو وقوعهما مع التوبة باطل ؛ لأنّه يلزم منه عدم مغفرة الشرك مع التوبة ، وممّا أجمع عليه المسلمون غفران الشرك مع التوبة. وحيث يبطل الأوّل يتعيّن الثاني ، وهو مغفرة ما دون الشرك من الذنب بلا توبة. مضافا إلى أنّ المعصية مع التوبة يجب غفرانها كما تقدّم ، وعليه فليس المراد في الآية الكريمة المعصية التي يجب غفرانها ؛ لأنّ الواجب لا يعلّق بالمشيئة وإلّا لما كان قوله : (لِمَنْ يَشاءُ) حسنا ، فوجب أن يكون المقصود في الآية المعصية التي لا يجب غفرانها.
منها : أنّ مرتكب المعصية الكبيرة إنّما يعاقب إذا لم يكن هناك ما يمنع من عقابه ، وهو أمران :
الأوّل : عفو الله تعالى فإنّ عفوه مرجوّ متوقّع ، خصوصا وقد وعد به في العديد من آيات القرآن الكريم (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) ... (يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) ... (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) ... (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) ... (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) وخلف الوعد لا ريب أنّه غير مستحسن من الجواد المطلق ؛ لمدحه نفسه بأنّه غفور رحيم. والحكم في هذه الآيات المباركة ليس إلى الصغائر من الذنوب ، ولا إلى الكبائر
__________________
(١) التوبة والعفو الإلهي ، ص ٦٦ ، طبعة سنة ١٣٧٥ ، البصرة ـ العشّار.